السؤال
ورد في كتاب الموطأ للإمام مالك وذلك في باب طلاق: المرء ما لم ينكح أنه إذا قال المرء كل امرأة
أنكحها فهي طالق أنه إذا لم يسم أرضا أو قبيلة أو امرأة بعينها فليس يلزمه ذلك والسؤال هنا: إذا قال (سالم) كل نساء ليبيا أو آسيا وأوروبا هن طالقات إذا نكحت منهن فما هو حكم ذلك؟ وإذا قال فلانة طالق إذا نكحتها أو قال فلانة طالق ثلاثا قبل أن يخطبها أو يتزوجها ما هو حكم ذلك؟
أفتونا مأجورين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاء في موطأ الإمام مالك ما يلي: مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول في من قال: كل امرأة أنكحها فهي طالق، أنه إذا لم يسم قبيلة أو امرأة بعينها، فلا شيء عليه. قال مالك : وهذا أحسن ما سمعت. اهـ
ولكن الذي عليه أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم أن الطلاق لا يقع قبل النكاح. وقد ذكر ابن قدامة خلاصة ما في المسألة قائلا: وإذا قال: إن تزوجت فلانة، فهي طالق لم تطلق إن تزوج بها، وإن قال: إذا ملكت فلانا فهو حر، فملكه صار حرا.
اختلفت الرواية عن أحمد في هاتين المسألتين، فعنه لا يقع طلاق ولا عتق. وروي عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، وعروة، وجابر بن زيد، وسوار، والقاضي، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر. ورواه الترمذي عن علي وجابر بن عبد الله وسعيد بن جبير وعلي بن الحسين وشريح وغير واحد من فقهاء التابعين. قال: وهو قول أكثر أهل العلم؛ لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر لابن آدم في ما لا يملك، ولا عتق له في ما لا يملك، ولا طلاق له في ما لا يملك. قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح، وهو أحسن ما روي في هذا الباب.
وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك ابن آدم وإن عينها راواه البيهقي.
وروى أبو بكر في الشافي عن الخلال عن الرمادي عن عبد الرزاق عن معمر عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق قبل نكاح. قال أحمد: هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعدة من الصحابة؛ ولأنه من لا يقع طلاقه وعتقه بالمباشرة لم تنعقد له صفة كالمجنون؛ ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولم نعرف مخالفا في عصرهم، فيكون إجماعا. انتهى.
وبناء عليه، فإن من قال: نساء ليبيا - مثلا - أو بلدة كذا طوالق إذا نكحتهن، فإنه إذا تزوج منها لا يلزمه طلاق، وكذلك إذا قال: إذا تزوجت فلانة فهي طالق، فإنه إذا تزوجها لا تطلق عليه.
والله أعلم.