السؤال
كيف نوفق يين حديث أنس رضي الله عنه قال: (مر رجل فقالوا هذا مجنون فقال رسول الله لا تقولوا مجنون ولكن قولوا مصاب، المجنون المقيم على معصية الله) وبين حديث ( وعن المجنون حتى يعقل)؟
وجزاكم الله خيرا.
كيف نوفق يين حديث أنس رضي الله عنه قال: (مر رجل فقالوا هذا مجنون فقال رسول الله لا تقولوا مجنون ولكن قولوا مصاب، المجنون المقيم على معصية الله) وبين حديث ( وعن المجنون حتى يعقل)؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالحديث الأول ذكره صاحب كنز العمال، وعزاه إلى ابن النجار عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا مع أصحابه فمر بهم رجل مجنون، فقالوا: هذا رجل مجنون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه، المجنون المقيم على معصية الله تعالى، ولكن هذا رجل مصاب. وأما الحديث الثاني، فقد رواه أحمد والنسائي وأبو داود، وصححه الألباني عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق. والمتأمل في الحديثين يجد أنه لا تعارض بينهما البتة، وذلك أن الحديث الأول إنما صيغ على وجه لفت انتباه السامع إلى معنى عظيم، وليس نفيا للحقيقة الواقعة للشخص المذكور، وتفسير هذا أن الإقامة على العصيان أمر في غاية الخطورة يستحق صاحبه أن يوصف بالجنون، وإن كان في ما يبدو للناس سليما، وذلك أن المقيم على المعصية يتصرف تصرف المجنون حقيقة، حيث لا يقدر العواقب الخطيرة المترتبة على ذلك، وهذا هو حال المجنون تماما، حيث يقدم على الأمر من غير تأمل في عواقبه. والناظر في الأحاديث يجد هذا النوع كثيرا في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما في الصحيحين: ليس المسكين الذي يطوف على الناس، فترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس. قال النووي : ليس معناه نفي أصل المسألة عن الطواف، بل معناه نفي كمال المسكنة. اهـ وأما الحديث الثاني، فقد أثبت فيه حكم من أصيب بالجنون، الذي هو عارض من عوارض أهلية التكليف، وقال: إن الإثم والمؤاخذة في حق الله تعالى مرفوعان عنه. والله أعلم.