السؤال
حديث: لا يفرك مؤمن مؤمنة ـ هل يطبق على من غلبت سيئاتها حسناتها في صفاتها الشخصية؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث واضح المعنى، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر. رواه مسلم.
فيقوم الشخص بعملية الموازنة بين صفات الشخص وأخلاقه، ويتغاضى عما يجده منها من شيء غير محمود لأجل ما اتصفت به من الصفات والأخلاق المحمودة، فإن الكمال لا يصل إليه أحد، قال في المرقاة: قال القاضي: قوله: لا يفرك نفي في معنى النهي، أي لا ينبغي للرجل أن يبغضها لما يرى منها فيكرهه، لأنه إن كره شيئا رضي شيئا آخر، فليقابل هذا بذاك ـ وفيه إشارة إلى أن الصاحب لا يوجد بدون عيب، فإن أراد الشخص بريئا من العيب يبقى بلا صاحب، ولا يخلو الإنسان سيما المؤمن عن بعض خصال حميدة، فينبغي أن يراعيها ويستر ما بقي. انتهى.
وقال النووي رحمه الله: أي ينبغي أن لا يبغضها، لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك. انتهى.
ومن كان منصفا ووازن بين صفات المرأة فغلبت سيئاتها حسانتها، فلا حرج عليه في بغضها حينئذ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر ـ الفرك: يعني البغضاء والعداوة، يعني لا يعادي المؤمن المؤمنة كزوجته مثلا، لا يعاديها ويبغضها إذا رأى منها ما يكرهه من الأخلاق، وذلك لأن الإنسان يجب عليه القيام بالعدل، وأن يراعي المعامل له بما تقتضيه حاله، والعدل أن يوازن بين السيئات والحسنات، وينظر أيهما أكثر، وأيهما أعظم وقعا، فيغلب ما كان أكثر وما كان أشد تأثيرا، هذا هو العدل..
والله أعلم.