السؤال
الزواج بين رجل وامرأة تكبره، أو العكس، بين العرف، والتقاليد، والدين.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في زواج الرجل من امرأة أكبر منه، أو أصغر منه سنا، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة -رضي الله عنها- وهي أكبر منه ببضع عشرة سنة، أو أكثر، وتزوج عائشة -رضي الله عنها- وهي أصغر منه بنحو بضع وأربعين سنة.
لكن ينبغي مراعاة التقارب في السن بين الزوجين؛ لأنه أدعى للألفة، والمودة في الغالب، إلا إذا كانت هناك مصلحة راجحة أعلى من مصلحة التقارب في السن، فتقدم عليها حينئذ؛ ولذلك لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم تزويج فاطمة -رضي الله عنها- من أبي بكر أو عمر -رضي الله عنهما- وقال لهما: إنها صغيرة، وزوجها من علي -رضي الله عنه- لتقارب سنهما.
جاء في ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (للأثيوبي): قد أشار السندي -رحمه الله تعالى- في كلامه المذكور إلى جواب استشكال وارد على حديث الباب، وهو أنه صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة، وهي صغيرة، فكيف قال لأبي بكر وعمر -رضي الله تعالى عنهما-: "إنها صغيرة"؟.
وحاصل الجواب أن الموافقة في السن، أو المقاربة فيه إنما يعتبر فيما إذا لم يكن للزوج فضل يجبر ذلك، وإلا فلا بأس بالتفاوت فيه؛ ولذلك تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة -رضي الله تعالى عنها-، وهي بنت ست سنين، وهو فوق خمسين سنة؛ لما ذكرنا.
فإن قيل: قد كان لأبي بكر وعمر فضل يؤدي الغرض؛ فلماذا لم يعتبر؟
[قلنا]: نعم، لا ينكر فضلهما، وشرفهما -رضي الله تعالى عنهما-، إلا أن لعلي -رضي الله تعالى عنه- زيادة فضل عليهما بالنسبة لفاطمة -رضي الله تعالى عنها-، وهو كونه مقاربا لها في السن، وهو الذي يحصل به الغرض من النكاح، وهو دوام الألفة، والمحبة بين الزوجين، كما ذكرنا، فلذا قدمه النبي صلى الله عليه وسلم عليهما؛ لذلك. انتهى.
فالخلاصة أن تقارب السن بين الزوجين أمر مطلوب، تنبغي مراعاته، إلا لغرض صحيح تتحقق معه مصالح الزواج، وتحصل المودة، والألفة بين الزوجين.
والله أعلم.