استخراج النفط ونحوه بين المفسدة والمصلحة

0 113

السؤال

كما تعلمون فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضرار ـ والإضرار بالبيئة محرم، والنفط ونحوه يضر بالبيئة، فهل يحرم ذلك؟ أم يرجع ذلك إلى ولي الأمر ليرى أيهما الأصلح؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يرجع في مثل هذه الأمور إلى ولاة الأمور والجهات المختصة في ذلك، فإن كانت مصلحة استخراج هذه المعادن  أعظم من المفسدة التي تشير إليها، فيستخرج، ولا يمنع حينئذ، وعليهم أن يسعوا في دفع الضرر بما أمكن من وسائل مشروعة, ومن المقرر عند أهل العلم عند تعارض المصالح والمفاسد أنه تقدم المصلحة الراجحة على توقي المفسدة المرجوحة، قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام: إذا اجتمعت مصالح ومفاسد، فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك امتثالا لأمر الله تعالى فيهما، لقوله سبحانه وتعالى: فاتقوا الله ما استطعتم {التغابن: 16} وإن تعذر الدرء والتحصيل، فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة، قال الله تعالى: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما {البقرة: 219} حرمهما، لأن مفسدتهما أكبر من منفعتهما، أما منفعة الخمر فبالتجارة ونحوها، وأما منفعة الميسر فبما يأخذه القامر من المقمور، وأما مفسدة الخمر فبإزالتها العقول، وما تحدثه من العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وأما مفسدة القمار فبإيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذه مفاسد عظيمة لا نسبة إلى المنافع المذكورة إليها، وإن كانت المصلحة أعظم من المفسدة حصلنا المصلحة مع التزام المفسدة، وإن استوت المصالح والمفاسد فقد يتخير بينهما وقد يتوقف فيهما، وقد يقع الاختلاف في تفاوت المفاسد. اهـ.

 وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا، ودفع شر الشرين إذا لم يمكن أن يندفعا، ومن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على الكليات الخمس التي تواترت رسل الله تعالى على وجوب المحافظة عليها، وهي الدين، والنفس، والعقل، والنسب، والمال، والعرض، ومنها اليسر ورفع الحرج والمشقة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة