الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
1- فالعدل بين الزوجات هو أن تعطي لكل حقها من النفقة، والمسكن، ونحو ذلك، ومن العدل كذلك: القسم بينهن في المبيت، ولا يشترط عليه أن يعدل بينهن في الجماع، لكن لا يجوز له أن يترك التلذذ بواحدة؛ لتتوفر لذته للأخرى.
وأما القسم في المحبة، فهذا ليس في مقدور البشر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.
2- أما السفر بإحدى الزوجات، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر، أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها، سافر بها.
ولا فرق بين السفر للعلاج، أو طلب العلم، فلا بد من إذن الزوجات، إذا أراد السفر بواحدة منهن دون القرعة، وقد جاء في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه: "أين أنا غدا؟ أين أنا؟ يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة؛ حتى مات عندها".
ولا قضاء عليه حينئذ إذا رجع من السفر للاتي لم يخرج بهن.
3- يجوز للرجل الدخول على زوجته في يوم ضرتها، لكن لا يمكث عندها كثيرا، قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم ما من يوم إلا ويطوف علينا جميعا امرأة امرأة، فيدنو، ويلمس من غير مسيس؛ حتى يفضي إلى التي هو يومها، فيبيت عندها.
أما الخروج للنزهة مع إحدى زوجاته في غير ليلتها، فلا ينبغي؛ لأنه جور على صاحبة الليلة.
4- جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم جامع مارية في بيت حفصة، وهي غائبة، علما أن مارية ليست زوجة؛ لأنها مما ملكت اليمين، ويوجد فرق كبير بين الجنسين، لكن إذا كان اليوم يوم التي جامعها في بيت الأخرى، وكان البيت ملكا له، فالأظهر جواز ذلك، وإن كان الأولى تركه، إذا كان لكل واحدة بيت، وفراش؛ لما علم من شدة الغيرة بين الضرائر.
5- تعدد الزوجات غير واجب أصلا، وقد يجب إذا احتاج الرجل إلى أكثر من واحدة، بحيث أصبحت الواحدة لا تعفه، ووجوبه في غير هذه الحالة غير معروف.
6- الأفضل له في هذه الحالة الاقتصار على زوجته؛ لقوله تعالى: فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة {النساء:3}، والتعدد -كما تقدم- ليس واجبا في حد ذاته، وإنما يشرع للشخص إذا احتاج إليه.
وأما إذا كان ربما تنشأ عنه مفاسد، كالأمراض النفسية، وتمزيق البيت، وغير ذلك، فالأفضل -إن شاء الله- في هذه الحالة الاقتصار على الواحدة التي عنده.
7- الذي ينبغي أن يأخذ به المسلم هو القول الراجح في أي مذهب كان، وقد ذكر بعض العلماء أن غير المجتهد يلزمه تقليد مذهب معين، ثم التزامه، وإلى ذلك أشار صاحب مراقي السعود بقوله:
ثم التزام مذهب قد ذكرا ... صحة فرضه على من قصرا.
أما أن يأخذ المرء قولا يعجبه هو، أو يلائمه، أو يوافق مزاجه، من غير مراعاة لضعف القول، أو قوته، فهذا لا يجوز، لكن إذا كان في المسألة خلاف متقارب من جهة القوة والضعف، فله أن يختار قولا يعمل به، قيل: يأخذ بالأخف، وقيل: بالأغلظ، والمسألة مبسوطة في كتب الأصول.
والله أعلم.