السؤال
هل يعد أكل الطعام الذي أعده الأب الفاسق لابنته وهو يسر أو يسعد إذا أكلته، من المجاملة على حساب الدين، والرضا بما يفعل؟
ولو مثلا كان الأب يفعل منكرات ويداوم عليها، أو يكررها، وكانت البنت إذا لم تأكل يحزن وربما يغضب، لكن هكذا ربما تكون تعلن بذلك أنها غير راضية عما يفعل أبوها من المنكرات. فإذا سألها أو قال لها أن تأكل، تقول: لماذا فعلت كذا -من المنكرات- أو تذكره ليعلم أنها بسبب ذلك لا تأكل مما أعده لها مثلا.
ومن باب الإنكار عليه، وخشية أن يشعر أو يظن أنها راضية وغير جادة إذا أنكرت عليه. فهل تأكله أم لا؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكل البنت من الطعام الذي أعده والدها الذي يقع في المنكرات، ليس فيه رضا بما يفعله الأب من المنكرات، وليس ذلك من المجاملة على حساب الدين.
فلها أن تأكل من طعام أبيها ولو كان مصرا على المعاصي، وعليها أن تبره وتحسن إليه، وتنكر عليه ما يقع فيه من المنكرات، برفق وأدب؛ فإن أمر الوالدين بالمعروف، ونهيهما عن المنكر ليس كأمر ونهي غيرهما.
قال ابن مفلح الحنبلي –رحمه الله-: قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف، وينهاهما عن المنكر. وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه، يعلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. الآداب الشرعية.
وقال الشيخ ابن باز –رحمه الله-: " ... ... فالمقصود أن الوالدين لهما شأن عظيم، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف بنصيحتهما وتوجيههما للخير، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال أو إخوان أو أعمام، أو.." فتاوى نور على الدرب لابن باز.
ولكن إذا رأت أن امتناعها عن الطعام وسيلة لثني والدها عن المنكرات، فلها أن تمتنع ما لم يصل الأمر إلى تضررها أو إغضابه هو.
والله أعلم.