السؤال
لماذا قال الله عن أهل الكتاب إنهم أوتوا نصيبا من الكتاب. ما هو الكتاب الكامل؟
وإذا كانوا آمنوا بعيسى مثل ما أمر الله بدون تحريف. فلماذا اسمهم آمنوا بنصيب من الكتاب، وليس كل الكتاب؟
لماذا قال الله عن أهل الكتاب إنهم أوتوا نصيبا من الكتاب. ما هو الكتاب الكامل؟
وإذا كانوا آمنوا بعيسى مثل ما أمر الله بدون تحريف. فلماذا اسمهم آمنوا بنصيب من الكتاب، وليس كل الكتاب؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنصيب في اللغة هو الحظ، و"من" في قوله: نصيبا من الكتاب، إما للتبعيض، فيكون المعنى حينئذ أنهم أوتوا حظا قليلا من الكتاب، فيكون ذما لهم، بأن فهمهم لما أوتوه قليل، وإما بيانية، فيكون المعنى أنهم أوتوا حظا هو الكتاب، ومن ثم على هذا الوجه الثاني لا يرد ما استشكلته، وعلى الأول فالكتاب هو التوراة، وكمال إيمانهم به يقتضي متابعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وإيمانهم به.
قال الألوسي -رحمه الله-: والمراد بالموصول اليهود- وبالنصيب- الحظ، ومن إما للتبعيض، وإما للبيان على معنى نصيبا هو الكتاب، أو نصيب منه؛ لأن الوصول إلى كنه كلامه تعالى متعذر. فإن جعل بيانا، كان المراد إنزال الكتاب عليهم، وإن جعل تبعيضا كان المراد هدايتهم إلى فهم ما فيه، وعلى التقديرين اللام في الكتاب للعهد، والمراد به التوراة- وهو المروي عن كثير من السلف. انتهى.
وقال ابن عاشور رحمه الله: والكتاب: التوراة فالتعريف للعهد، وهو الظاهر، وقيل: هو للجنس. والمراد بالذين أوتوه هم اليهود، وقيل: أريد النصارى، أي أهل نجران. والنصيب: القسط والحظ، وتقدم عند قوله تعالى: أولئك لهم نصيب مما كسبوا في سورة البقرة [202]. وتنكير نصيبا للنوعية، وليس للتعظيم؛ لأن المقام مقام تهاون بهم، ويحتمل أن يكون التنوين للتقليل. ومن، للتبعيض، كما هو الظاهر من لفظ النصيب، فالمراد بالكتاب جنس الكتب، والنصيب هو كتابهم، والمراد: أوتوا بعض كتابهم، تعريضا بأنهم لا يعلمون من كتابهم إلا حظا يسيرا، ويجوز كون من للبيان. والمعنى: أوتوا حظا من حظوظ الكمال، هو الكتاب الذي أوتوه. انتهى.
والله أعلم.