السؤال
ما الحكم في الدعوة والاجتماع للختان؟ وماهي ضوابط هذا الاجتماع بالتفصيل؟ وهل للسلف رحمهم الله نصيب من هذا؟
ما الحكم في الدعوة والاجتماع للختان؟ وماهي ضوابط هذا الاجتماع بالتفصيل؟ وهل للسلف رحمهم الله نصيب من هذا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فصل هذه المسألة العلامة ابن قدامة رحمه الله في المغني تفصيلا كافيا عند قول الخرقي: ودعوة الختان لا يعرفها المتقدمون، ولا على من دعي إليها أن يجيب، وإنما وردت السنة في إجابة من دعي إلى وليمة تزويج.
قال ابن قدامة: يعني بالمتقدمين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يقتدى بهم، وذلك لما روي: أن عثمان بن أبي العاص دعي إلى ختان، فأبى أن يجيب، فقيل له؟ فقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى إليه رواه الإمام أحمد بإسناده.
إذا ثبت هذا، فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة أنها مستحبة؛ لما فيها من إطعام الطعام، والإجابة إليها مستحبة غير واجبة.
وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه، وقال العنبري: تجب إجابة كل دعوة، لعموم الأمر به، فإن ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا دعا أحدكم أخاه فليجبه، عرسا كان أو غير عرس. أخرجه أبو داود. ولنا أن الصحيح من السنة إنما ورد في إجابة الداعي إلى الوليمة، وهي الطعام في العرس خاصة، كذلك قال الخليل وثعلب وغيرهما من أهل اللغة، وقد صرح بذلك في بعض روايات ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب. رواه ابن ماجه.
وقال عثمان بن أبي العاص: كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعى إليه.
ولأن التزويج يستحب إعلانه، وكثرة الجمع فيه، والتصويت، والضرب بالدف، بخلاف غيره. فأما الأمر بالإجابة، فمحمول على الاستحباب، بدليل أنه لم يخص به دعوة ذات سبب دون غيرها، وإجابة كل داع مستحبة لهذا الخبر، ولأن فيه جبر قلب الداعي، وتطييب قلبه، وقد دعي أحمد إلى ختان فأجاب وأكل، فأما الدعوة في حق فاعلها، فليست لها فضيلة تختص بها، لعدم ورود الشرع بها، ولكن هي بمنزلة الدعوة لغير سبب حادث، فإذا قصد فاعلها شكر نعمة الله عليه، وإطعام إخوانه، وبذل طعامه، فله أجر ذلك، إن شاء الله تعالى. اهـ.
والله أعلم.