السؤال
سؤالي عن الأحلام، وعن تكرار الحلم بأن جنازة لأشخاص لا أعرفهم تسير أمامي والنعش محمول، والأشخاص مكفنون، وأناس تحمل الجنازة، أي أن شعائر الجنازة موجودة من أناس تحملهم على الأكتاف والنعش أو التابوت، فحلمت بتابوتين محمولين، وفيهما رجلان، واحد منهما كان وجهه أبيض، نظرت إليه فخفت، وذهبت لأمي، وحلمت ذات مرة بامرأة جلست وهي محمولة، ونظرت إلي، وحدثتني بشيء لم أذكره، ولكنني أيضا ذهبت لأمي مسرعة، وغيرها من الأحلام المتكررة بالأموات والقبور والجنائز، وأفاع وعقارب وغيرها، فلماذا تتكرر هذه الأحلام معي؟ علما أنني عزباء أعمل، ووجدت هذا العمل بصعوبة، وأمور حياتي تسير بصعوبة كبيرة أيضا، ولا أستطيع زيادة الوزن، ولا أدري كيف يصرف مالي، وأتخبط كثيرا في حياتي، وأحس أني تائهة، وأتمنى الموت كثيرا، ولكنني أخافه، وحديثا بت أخاف من كل شيء؛ رغم أنني لم أكن أخاف شيئا، وأشعر بأوجاع مختلفة في الرأس وأسفل الظهر والصدر والعينين، وأستغفر الله وأتوب إليه، وأميل أحيانا للشذوذ الجنسي، ولكنني أبدا لم أقترب منه، غير أنني أحس ببعدي عن الله، وتكاسلت عن قيام الليل، وعن قراءة القرآن، والأذكار، ولا أستطيع البكاء بين يدي الله، وهذا يقلقني من كون ربي غير راض عني، فأرجو المساعدة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا علم لنا بتفسير الأحلام.
وهذه الأحلام - وإن تكررت - لا يبعد أن تكون نوعا من حديث النفس، أو تهويل الشيطان، وتخويفه لك، وهذان قسمان من أقسام ما يراه النائم، روى مسلم عن أبى هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا ثلاثة: فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه. فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصل، ولا يحدث بها الناس. وروى البخاري عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: كنت أرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الحسنة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب، فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره، فليتعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان، وليتفل ثلاثا، ولا يحدث بها أحدا، فإنها لن تضره. وقد تضمن هذان الحديثان الأدب عند رؤية ما يحسن وعند رؤية ما يسوء.
ويبدو أنك قد وقعت أسيرة لهذه الأحلام، فنصيحتنا لك أن تصرفي نفسك عن التفكير فيها، أو السؤال عنها، وانشغلي بما ينفعك من أمر دينك ودنياك.
وتذكر الموت في أصله أمر حسن، قد حض عليه الشرع، والمقصود من ذلك ما يكون في حد الاعتدال، باعثا لصاحبه على فعل الطاعات، وترك المعاصي والسيئات.
والحذر كل الحذر ما قد يكون منه نوعا من المرض، ينكد على صاحبه حياته، وقد يدفعه إلى ما لا تحمد عقباه؛ بسبب وقوعه في اليأس من روح الله، والقنوط من رحمته، فيدفعه ذلك إلى ما لا تحمد عقباه، وما فيه خسارة دينه ودنياه.
وما تحسين به من آلام وأوجاع قد يكون سببها هذا التوتر النفسي.
والشعور بالميل إلى الشذوذ قد يكون من تسلط الشيطان، وقد أحسنت بمدافعتك لهذا الشعور، وهذه علامة إيمان، فاجتهدي في أن تبتعدي عن هذا التفكير تماما، واستعيني في ذلك بربك، واحرصي على ترداد الأدعية التي ضمناها الفتوى رقم: 70670، والفتوى رقم: 63580.
ولا يلزم مما حصل لك أن يكون الله عز وجل غير راض عنك، فقد يكون مجرد ابتلاء، بل قد يكون علامة محبة الله لك، روى الترمذي، وابن ماجه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عظم الجزاء مع عظم البلاء، إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضى فله الرضا، ومن سخط فله السخط.
فاستأنفي حياتك كأن شيئا لم يكن، واجتهدي في طاعة ربك، وقيام الليل، وتلاوة القرآن، والمحافظة على الأذكار كما كنت أو أشد -نسأل الله تعالى لنا ولك العافية، والسلامة من كل بلاء-.
والله أعلم.