معنى حديث: فَإِذا صلاهَا فِي فلاة فَأَتمَّ ركوعها وسجودها بلغت خمسين صَلَاة

0 207

السؤال

قال عليه الصلاة والسلام: (الصلاة في جماعة تعدل خمسا وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة) صحيح الترغيب 413
هل المقصود بالذي يصلي في فلاة هو من كان محافظا على الجماعة، وصادف أن صلى يوما في صحراء مثلا ؟ أم المقصود أي شخص يصلي في فلاة أو في صحراء دائما؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذه الزيادة: ( فإن صلاها في فلاة ... ) في الحديث المذكور قد اختلف في ثبوتها، وقد روى البخاري وأحمد وغيرهما هذا الحديث من دون زيادة فضل الصلاة في فلاة، ولعلهم لم يذكروها لعدم ثبوتها عندهم، وعلى فرض ثبوت هذه الزيادة، فإن المراد صلاة المسافر في الفلاة، كما يدل على ذلك كلام شراح الحديث، ولكن هل المراد صلاته لها منفردا أم في جماعة؟ وقع الخلاف في هذا أيضا.

قال العراقي رحمه الله في طرح التثريب: قوله في حديث أبي سعيد عند أبي داود { فإذا صلاها في فلاة } هل المراد منه صلاها في الفلاة في جماعة أو منفردا أو أعم من ذلك؟ .. ( إلى أن قال ) وليس في الحديث ما يقتضي كونه منفردا أو في جماعة؛ بل يحتمل كلا من الأمرين:

- فإن كان المراد به الجماعة في الفلاة : فإنما ضعفت على الجماعة في المسجد، لأن المسافر لا يتأكد في حقه الجماعة كما تتأكد على المقيم، حتى ادعى النووي أنه لا يجري في المسافر الخلاف الذي في كونها فرض كفاية أو فرض عين لشغله بالسفر، فإذا أقامها جماعة في السفر ومع وجود مشقة السفر ضوعفت له على الإقامة فكانت بخمسين

- وإن كان المراد به فعلها منفردا: فلما ورد أن { من أذن في فلاة وأقام وصلى، صلى معه صف من الملائكة لا يرى طرفاهم } فضوعفت صلاته لأفضلية الملائكة الذين صلوا معه. انتهى

وقد ذكر الاحتمالين الشوكاني في نيل الأوطار (3/ 158) فقال: قوله: ( فإذا صلاها في فلاة ) هو أعم من أن يصليها منفردا أو في جماعة. قال ابن رسلان : لكن حمله على الجماعة أولى، وهو الذي يظهر من السياق. انتهى
والأولى حمله على الانفراد لأن مرجع الضمير في حديث الباب من قوله: ( صلاها ) إلى مطلق الصلاة لا إلى المقيد بكونها في جماعة، ويدل على ذلك الرواية التي ذكرها أبو داود عن عبد الواحد بن زياد، لأنه جعل فيها صلاة الرجل في الفلاة مقابلة لصلاته في الجماعة ....." (إلى أن قال الشوكاني): "والحكمة في اختصاص صلاة الفلاة بهذه المزية أن المصلي فيها يكون في الغالب مسافرا، والسفر مظنة المشقة، فإذا صلاها المسافر مع حصول المشقة تضاعفت إلى ذلك المقدار. وأيضا الفلاة في الغالب من مواطن الخوف والفزع لما جبلت عليه الطباع البشرية من التوحش عند مفارقة النوع الإنساني، فالإقبال مع ذلك على الصلاة أمر لا يناله إلا من بلغ في التقوى إلى حد يقصر عنه كثير من أهل الإقبال والقبول. وأيضا في مثل هذا الموطن تنقطع الوساوس التي تقود إلى الرياء فإيقاع الصلاة فيها شأن أهل الإخلاص. ومن ههنا كانت صلاة الرجل في البيت المظلم الذي لا يراه فيه أحد إلا الله عز و جل أفضل الصلوات على الإطلاق، وليس ذلك إلا لانقطاع حبائل الرياء الشيطانية التي يقتنص بها كثيرا من المتعبدين، فكيف لا تكون صلاة الفلاة مع انقطاع تلك الحبائل، وانضمام ما سلف إلى ذلك بهذه المنزلة. انتهى من النيل.

وممن جزم بأن المراد بذلك صلاة الجماعة في الفلاة بدر الدين العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (5/ 166) حيث قال: (فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة). أي: بلغت صلاته خمسين صلاة. والمعنى: يحصل له أجر خمسين صلاة، وذلك يحصل له في الصلاة مع الجماعة، لأن الجماعة لا تتأكد في حق المسافر لوجود المشقة، فإذا صلاها منفردا لا يحصل له هذا التضعيف، وإنما يحصل له إذا صلاها مع الجماعة خمسة وعشرون لأجل أنه صلاها مع الجماعة، وخمسة وعشرون أخرى للتي هي ضعف تلك لأجل أنه أتم ركوع صلاته وسجودها، وهو في السفر الذي هو مظنة التخفيف، فمن أمعن نظره فيه علم أن الإشكال الذي أورده بعضهم فيه من لزوم زيادة ثواب المندوب على الواجب غير وارد. انتهى

وينظر لمزيد فائدة الفتاوى التالية أرقامها: 312790  // 109141  //  32566.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات