السؤال
السلام عليكم
في مسند الإمام أحمد أول مسند الكوفيين حديث النعمان بن بشير عن تقسيم الرسول صلى الله عليه وسلم الزمان إلى نبوة ثم خلافه راشده ثم ملكا عاضا ثم ملكا جبريا ثم تعود خلافة راشدة ثم سكت عليه السلام. ما صحة الحديث وما هو شرحه وهل تحقق بالكامل أم نحن في أحد أزمانه وأيها وما معنى ضا وجبريا وعلى أي شيء يدل قوله ثم سكت؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه الله، قال: كنا جلوسا في المسجد فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء، فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته. فجلس أبو ثعلبة.
فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت. قال حبيب: فلما قام عمر بن عبد العزيز، وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته، فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه. فقلت له: إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين - يعني عمر - بعد الملك العاض والجبرية، فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فسر به وأعجبه.
وروى الحديث أيضا الطيالسي والبيهقي في منهاج النبوة، والطبري ، والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وحسنه الأرناؤوط.
وللحديث شاهد عن سفينة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك. ثم قال سفينة: امسك عليك خلافة أبي بكر، ثم قال: وخلافة عمر وخلافة عثمان، ثم قال لي: امسك خلافة علي قال: فوجدناها ثلاثين سنة. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط.
وروى الإمام أحمد عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: ذهبت النبوة فكانت الخلافة على منهاج النبوة. وصححه الأرناؤوط.
أما عن معنى الحديث: فالخلافة على منهاج النبوة هي خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، كما هو ظاهر الروايات. أما الملك العضوض، فالمراد به التعسف والظلم. قال ابن الأثير في النهاية: (ثم يكون ملك عضوض) أي يصيب الرعية فيه عسف وظلم، كأنهم يعضون فيه عضا. والعضوض: من أبنية المبالغة. وفي رواية (ثم يكون ملك عضوض) وهو جمع عض بالكسر، وهو الخبيث الشرس. ومن الأول حديث أبي بكر (وسترون بعدي ملكا عضوضا). اهـ
وأما الملك الجبري، فالمراد به الملك بالقهر والجبر. قال ابن الأثير في النهاية: ثم يكون ملك وجبروت> أي عتو وقهر. يقال: جبار بين الجبروة، والجبرية، والجبروت. اهـ
أما عن تحقق ما في الحديث، فقد تقدم أن من السلف من جعله قد تحقق في جميع مراحله، وأن الخلافة الأخرى التي على منهاج النبوة، هي خلافة عمر بن عبد العزيز. لكن قال الألباني في السلسلة الصحيحة: ومن البعيد عندي جعل الحديث على عمر بن عبد العزيز؛ لأن خلافته كانت قريبة العهد بالخلافة الراشدة، ولم يكن بعد ملكان ملك عاض وملك جبري. والله أعلم. اهـ
فالظاهر -والله أعلم- أننا الآن في الملك الجبري، ويدل على ذلك ما رواه الطبراني عن حاصل الصدفي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيكون بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ثم يؤمر بعده القحطاني. فوالذي بعثني بالحق ما هو بدونه.
ففيه أن المهدي يخرج بعد الجبابرة، فخلافته هي الخلافة الأخرى التي هي على منهاج النبوة، لكن الحديث ضعفه الألباني ، في السلسلة.
أما قول السائل: على أي شيء يدل قوله: ثم سكت ؟ فالظاهر أنه يدل على تمام الحديث وانتهائه.
والله أعلم.