السؤال
بوركتم وجزيتم عنا كل خير. ناهزت الخمسين بقليل، والحمد لله على نعمة الإسلام، وأنا أصلي صلواتي المفروضة والسنن أيضا -والحمد لله-، ولكني أغلب الأحيان لا أعرف ما قرأت، وأخطئ في عدد الركعات، وأحيانا أعيد الصلاة، وأحيانا أقول في نفسي: يكفي، هذا وسواس؛ وإلى الآن لم أخبر أحدا بذلك خوفا من السخرية، وهي ليست وساوس، ولكني أشعر أنه بسبب شرود الذهن بخاطر، أو بكلمة فكرت بها في صلاتي، وأداوم على التسبيح والاستغفار والذكر بشكل عام، ولكني أشعر أنني مقصرة في كل شيء، حتى حفظي لكتاب الله تعالى، فأنا حافظة لثلثيه وأسعى لإتمامه بكل ما أوتيت من عزم، ولكن تثبيته في الذاكرة يؤرقني، فتأتي هذه الأفكار في الصلاة، فتضيع صلاتي، ويضيع حفظي معه؛ فمثلا اليوم في ركعتي سنة الفجر قرأت في الأولى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع... }، فأتت فكرة أن الأولى قراءة سورة الكافرون، وهنا لم أشعر بعدد الركعات: هل أنا في الثانية أو في الثالثة، ويقيني أنها كانت الثالثة، وأني لم أقعد للتشهد، فأكملت الرابعة، وتشهدت، وأنهيت الصلاة، ولم أسجد للسهو، وصليت بعدها الفرض، ولم أعد سنة الفجر، وهذه حالي، فأفيدوني -بارك الله فيكم-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصا على الخير، ورغبة فيه، وأتم عليك نعمته بحفظ كتابه العزيز، ثم اعلمي أن الخشوع في الصلاة هو لبها وروحها، وانظري الفتوى رقم: 124712 لبيان بعض الأسباب المعينة على الخشوع في الصلاة، ولكن لا تعيدي الصلاة إذا قل خشوعك فيها، أو شرد ذهنك، وانظري الفتوى رقم: 136409.
وإذا كنت كثيرة الشكوك، فالمشروع لك أن تعرضي عن هذه الشكوك، ولا تلتفتي إليها، فإذا شككت هل زدت ركعة أو لم تزيدي، فقدري أنك لم تزيدي، ولا تبني على الأقل، ريثما يعافيك الله عز وجل من هذا الداء، قال الشيخ ابن عثيمين في منظومته:
والشك بعد الفعل لا يؤثر ... وهكذا إذا الشكوك تكثر.
وما فعلته من استمرارك في الصلاة بعد العلم أنك في الثالثة لا حرج فيه، قال في كشاف القناع: (ولو نوى ركعتين نفلا نهارا، فقام إلى ثالثة سهوا، فالأفضل إتمامها أربعا، ولا يسجد للسهو) لإباحة التطوع بأربع نهارا، (وله أن يرجع ويسجد) للسهو. انتهى.
والحاصل أن عليك فيما بعد تجاهل الشكوك إذا كثرت، مع الاجتهاد في إحضار قلبك، وتحصيل الخشوع المشروع في الصلاة، فإذا عافاك الله من كثرة الشكوك، ثم أصابك شك بعدها، فإنك تبنين على الأقل، كما هو معلوم.
والله أعلم.