السؤال
ذكر في فتوى رقم: 42052 أن "وقتها، فهي من النوافل المطلقة التي تصلى في أي وقت؛ إلا في أوقات النهي." ولكن متى يصلي الشخص صلاة التوبة إن كانت المعصية في أوقات النهي، أو كانت المعصية أثناء العذر الشرعي للمرأة؟
و جزاكم الله خيرا
ذكر في فتوى رقم: 42052 أن "وقتها، فهي من النوافل المطلقة التي تصلى في أي وقت؛ إلا في أوقات النهي." ولكن متى يصلي الشخص صلاة التوبة إن كانت المعصية في أوقات النهي، أو كانت المعصية أثناء العذر الشرعي للمرأة؟
و جزاكم الله خيرا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة التوبة من ذوات الأسباب، وبالتالي فأداؤها في وقت النهي محل خلاف بين أهل العلم، والراجح أنها تشرع فيه، ولاسيما وهي مقترنة بسبب آخر للصلاة، وهو الوضوء، ففي حديث صلاة التوبة: ما من رجل يذنب ذنبا، ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له. قال أبو الحسن المباركفوري في شرح مشكاة المصابيح: (فيتطهر) أي فيتوضأ، كما في رواية ابن السني. وفي رواية أبي داود: فيحسن الطهور. اهـ.
وسنة الوضوء هي الأخرى تشرع في أوقات النهي، وراجعي في ذلك الفتويين: 21819، 7471.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي: مثل سجود التلاوة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة. وكذلك صلاة التوبة، فإذا أذنب فالتوبة واجبة على الفور، وهو مندوب إلى أن يصلي ركعتين ثم يتوب؛ كما في حديث أبي بكر الصديق. اهـ.
وقال الدكتور عبد الله بن عبد العزيز في بحثه (صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي) المنشور في مجلة الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة: هذه صلاة تشرع في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات النهي، لأنها من ذوات الأسباب التي تشرع عند وجود سببها. اهـ.
فهذا ما يتعلق بصلاة التوبة في أوقات النهي!
وأما في حال وجود العذر الشرعي للمرأة، فلا تشرع لها صلاة الفريضة فضلا عن النافلة، كما هو معلوم! ويكفيها في هذا الوقت: التوبة، والاستغفار، والإتيان بالحسنات الأخرى غير الصلاة، فإن الحسنات يذهبن السيئات. وقد ذكر الحافظ ابن رجب في شرح حديث: وأتبع السيئة الحسنة تمحها. من (جامع العلوم والحكم)، بعد أن ذكر حديث صلاة التوبة وغيره في تكفير الذنوب بإحسان الوضوء الصلاة، قال: وخرج الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ()مثل الذي يعمل السيئات، ثم يعمل الحسنات، كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة قد خنقته، ثم عمل حسنة فانفكت حلقة، ثم عمل حسنة أخرى، فانفكت أخرى حتى يخرج إلى الأرض)). ومما يكفر الخطايا ذكر الله عز وجل، وقد ذكرنا فيما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قول: ((لا إله إلا الله)) أمن الحسنات هي؟ قال: ((هي أحسن الحسنات)). وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده في يومه مئة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)). وفيهما عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أفضل من ذلك)). وفي المسند وكتاب ابن ماجه عن أم هانئ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله لا تترك ذنبا، ولا يسبقها عمل)). وخرج الترمذي عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه مر بشجرة يابسة الورق، فضربها بعصاه، فتناثر الورق، فقال: ((إن الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر لتساقط من ذنوب العبد كما يتساقط ورق هذه الشجرة)). وخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها)). والأحاديث في هذا كثيرة جدا يطول الكتاب بذكرها. اهـ.
والله أعلم.