تجاوز الآخرين في الطابور بدعوى الضرورة

0 88

السؤال

اختلفنا أنا وصديق لي حول استخدامه للواسطة في أحد المطاعم، فقد أخذ دور غيره من الزبائن، وذلك في رأيي يعد تعديا على حقهم، فقال: إنه فعل ذلك لأنه كان متعبا منذ يومين، واستند إلى قاعدة: "الضرورات تبيح المحظورات"، وأنا أرى أنه من الباطل الاستناد على تلك القاعدة؛ لانتفاء وجود ضرورة من الأساس، فما رأيكم؟
كما أنه استند لحديث رواه أبو داود، وغيره من حديث جابر، قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجر، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل، فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، أخبر بذلك، فقال: قتلوه، قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال؟ إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده. فأي تشابه بين رجل متعب منزله قريب، وبين رجل مفتوح الرأس كان في غزوة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالناس إذا تساووا في الاستحقاق، وكان لمن سبق الحق في التقدم على غيره، فلا يجوز تعديه بغير مسوغ.

ومن ذلك: من ينتظرون في الصف لأخذ أو شراء حاجاتهم، فالسابق منهم هو صاحب الحق المقدم على غيره، ولا يصح لمن تأخر عنه أن يتجاوزه، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، ومنها الفتاوى التالية أرقامها: 311944، 266413، 59888. هذا هو الأصل.

وأما مخالفة ذلك بدعوى أن الضرورات تبيح المحظورات، فهذا إنما يقبل عند تحقق الضرورة، لا بمجرد الادعاء والتوهم، فليس مجرد التعب، أو الشعور بالإرهاق، ضرورة، فهذا لا يكاد يسلم منه أحد، وإنما الضرورة، هي: أن يطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة، بحيث يخاف حدوث ضرر، أو أذى بالنفس، أو بالعضو، أو بالعرض، أو بالقتل، أو بالمال وتوابعها. كما جاء في كتاب: (نظرية الضرورة الشرعية) للأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي.

وأما حديث جابر، فهو في استعمال الرخص الشرعية في موضعها، كتيمم المريض الذي يضره استعمال الماء، وليس لذلك علاقة بالحادثة المذكورة في السؤال!

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة