لا يجوز أن يتم الاتفاق حال القرض على التسديد بعملة أخرى

0 100

السؤال

قمت باقتراض مبلغ من صديق بالليرة السورية، واتفقنا على السداد بالدولار، علما أني قمت في نفس اليوم بتحويل المبلغ السوري للدولار؛ لأني مسافر خارج البلد، فهل في ذلك شيء من الربا؟
السؤال الثاني لو تكرمتم: أنا مقيم في أوروبا، أرسل مالا لعائلتي في سوريا على الشكل التالي:
صديقي مقيم معي في نفس البلد، ولكنه بعيد جدا عني، ويقوم أخوه في سوريا بتسليم عائلتي المال بالليرة السورية، وأقوم أنا لاحقا بعد عدة أيام، بإيداع ما يعادل المبلغ بالدولار، بحساب صديقي البنكي، بسعر الدولار يوم السداد، فهل من خطأ في هذا التعامل؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالأصل أن القرض يسدد بنفس العملة التي ثبتت في ذمة المقترض، ولا يجوز أن يتم الاتفاق حال القرض على التسديد بعملة أخرى؛ لكون ذلك بيعا وليس قرضا، وهو من الربا، إذ هو صرف مؤجل بين ربويين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد. رواه مسلم من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-.

والمقرر عند أهل العلم أن العملات النقدية الحديثة أجناس قائمة بذاتها، لها ما للذهب والفضة من الأحكام، فإذا تم الصرف بين ليرة ودولار مثلا، اشترط أن يكون ذلك يدا بيد، وإلا كان من ربا النسيئة.

 وعليه؛ فاتفاقكما باطل، وهو من الربا المحرم، فرد إلى صديقك المبلغ الذي أخذت منه، وإن شئتما أن تتعاملا معاملة صحيحة: فليقرضك المبلغ، على أن ترد إليه مثله.

فإن جاء أجل السداد، واتفقتما على أن يكون بعملة أخرى، كالدولار مثلا، فلا بأس حينئذ؛ لأن الصرف على ما في الذمة بعد الحلول، كالصرف على ما في اليد، فمن لزمه يوم السداد 500 ليرة، جاز له أن يدفع عنها مقابلها بعملة أخرى إذا رضي المقرض.

وأما مسألة تحويل المال وفق ما ذكرت: فالظاهر أنك تقترض المبلغ بالليرة السورية؛ ليدفع الى أهلك، وعند السداد تدفع المبلغ بالدولار بسعر يومه، وهذا لا بأس به، لكن لا يصح الاتفاق ابتداء على أن يكون السداد بالدولار؛ لأنها تكون مصارفة كسابقتها، ولا بد في المصارفة من القبض. 

وأما المصارفة عما في الذمة، وهي أن يكون الدين في ذمتك بالليرة، وتتفق مع صاحبه عند السداد، لا عند عقد القرض، على الأداء بعملة أخرى، فهذا لا حرج فيه.

وللفائدة، انظر الفتوى رقم: 256192.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة