السؤال
فضيلة الشيخ: أنا متزوجة من رجل دين يخاف الله، وعندي خمسة أطفال، ولكن لايهتم كثيرا في ما يخصني من اهتمام ومشاعر، وعندي أخت متزوجة من شقيق زوجي، وهو إنسان يحب الضحك والسفر والمزح، أراد الله أن تحدث علاقة بيني وبين زوج أختي، والذي هو شقيق زوجي، بما أنه لا يتوجب علينا سوى الحجاب أمام بعضنا البعض، حصل إعجاب ومكالمات وحب، ثم بعد ذلك حصلت بيننا علاقة محرمة، وتكررت عدة مرات، والآن أنا حامل، ولكن لا أعلم هذا الحمل هل هو من زوجي أم زوج أختي، ويعلم الله أني كنت في حيرة من أمري، وضيق لا يعلم به إلا الله، ولكن عميت عيني عن الطريق الصحيح، والشيطان أغواني. أخبرت إحدى أخواتي بالموضوع بحكم أنها أكبر مني؛ ولأني كنت في حيرة، وأريد أن ينتهي كل هذا، ولكن أراد الله أن يفضح الأمر عن طريق أختي، ويصل إلى زوجي وأختي، وحصلت مشاكل كثيرة بين الطرفين. الآن أختي لا يفصلها عن الطلاق سوى شعرة بسببي، وزوجي لا يتكلم معي أبدا، ورافض الطلاق، ولكنه أخبرني بأن أكلم شيخا معروفا، وآخذ الفتوى منه، وأعطيه الرد، وهو على هذا الأمر يتصرف.
أرجوك يا شيخ أنصفني في الفتوى، والله إني تبت إلى الله، وأعلم الخطأ الذي فعلته بحق نفسي، وبحق أختي وزوجي، وقبل هذا كله أخطأت بحق ربي. وهل الطفل ينسب لزوجي، وهو ليس له؟ أم ينسب لأبيه الفعلي؟
أرجو الرد.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للزوج أن يشبع الرغبة العاطفية لزوجته، فذلك من حسن العشرة المأمور به في قول الله تعالى: وعاشروهن بالمعروف {النساء:19}، فإن لم يفعل الزوج، فمن الخطأ أن تترك الزوجة نفسها فريسة للشيطان يقودها لتحقيق ذلك مع أجنبي، وفعل ذلك مع أخي الزوج أبشع وأقبح، وانظري كيف قادك الشيطان إلى ما هو أعظم وهو فعل الفاحشة، وقد حذر رب العزة والجلال من شره فقال: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر.... الآية {النور:21}.
وقد أحسنت بالتوبة إلى الله تعالى من ذلك، ولكنك أخطأت حين أخبرت أختك بما فعلت، فالواجب مع التوبة الستر على النفس؛ كما أوضحناه في الفتوى رقم: 33442.
وهذا الطفل ينسب لزوجك لأنه صاحب الفراش، فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش. قال الإمام النووي في شرح مسلم: الولد للفراش، فمعناه أنه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له، فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد، وصار ولدا يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة؛ سواء كان موافقا له في الشبه أم مخالفا.... اهـ.
وليس لزوجك الحق في نفيه عنه إلا وفقا لضوابط بيناها في الفتوى رقم: 132507.
والزنا لا يمنع شرعا من استدامة الزواج، وإن تابت الزانية، فلا حرج في أن يبقيها زوجها في عصمته، بل هو الأفضل؛ لما فيه من حفظ كيان الأسرة، والحيلولة دون ضياع الأولاد لو قدر أن افترق الزوجان. ولأجل هذا ذهب من ذهب من أهل العلم إلى أن الأصل في الطلاق الحظر، قال ابن عابدين - الحنفي - في حاشيته: الطلاق الأصل فيه الحظر، بمعنى: أنه محظور إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص. فإذا كان بلا سبب أصلا، لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقا، وسفاهة رأي، ومجرد كفران النعمة، وإخلاص الإيذاء بها، وبأهلها، وأولادها. ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق، وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى ... فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعا، يبقى على أصله من الحظر؛ ولهذا قال تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} [النساء:34]، أي: لا تطلبوا الفراق. اهـ.
ونوصي في الختام بتحري الحكمة، وتوسيط العقلاء والفضلاء من الناس حتى يمكنكم تجاوز هذه المشكلة دون أن يترتب عليها عواقب وخيمة.
والله أعلم.