الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز نفي النسب بناءً على اختلاف اللون والشَّبَه، ولا استخدام البصمة الوراثية لذلك

السؤال

لدينا ابن أخ لا يشبه أحدًا منا، لا في لونه ولا في شكله، بفارق كبير.
وعندما كَبُر، بدأت تصدر منه تصرفات زادت من شكوكي، فهو لا يُظهر العطف وقوة الصلة التي تكون عادة بين الرجل وأمه.
على سبيل المثال: عندما كانت أمه في العناية المركزة واحتاجت مساعدته، وكان قد أعطى أمواله لأصدقائه، لم يشعر بالحيرة على عدم قدرته على مساعدة أمه، ولم يرفع سماعة هاتفه ليتصل بأحدهم ليطلب استرداد جزء مما أعطاهم، واكتفى بقوله إنه ليس معه ما يدفعه.
وفي جائحة كورونا، ذهب ليعمل في بقالة يختلط فيها مع المئات من الناس يوميًا، غير مكترث بأنه يعيش مع أمه المريضة التي قد ينقل لها العدوى، وهي ضعيفة ومريضة.
وكان يقوم بأفعال لا يفعلها من تربطه علاقة طبيعية بأخته، حيث كان يحاول أن يرى عورة أخته عند الاستحمام، وغيرها من الأمور.
أنا حاليًا، وبعد تأمل عميق في وضعه، أشك شكًا حقيقيًا في احتمال حدوث اختلاط في المستشفى عند ولادته بمولود آخر قد يكون هو أخانا الحقيقي.
فهل يجوز لنا عمل اختبار الحمض النووي في هذه الحالة، مع العلم أن دقة هذا الاختبار عالية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الشكوك والوساوس يتعين عليك تجاهلها والإعراض عنها.

إذ المتقرر شرعا أن اختلاف الشَّبه لا يقتضي نفي النسب، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة: أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود، أنكرته؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حُمر، قال: فهل فيها من أَوْرق؟ قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنى هو؟ قال: لعله يا رسول الله يكون نزعه عرق، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: وهذا لعله يكون نزعه عرق.

قال القرطبي في المفهم تحت ترجمة: باب: لا ينفى الولد لمخالفة لون أو شبه: لا خلاف في مقتضى هذه الترجمة، والحديث شاهد لصحتها. اهـ.

وفي الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة: هذا الحديث يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يرتاب بولد وإن خالف لونه؛ لأنه ربما يكون نزعه عرق. اهـ.

وسوء التعامل مع الأم والأخوات لا أثر له في النسب.

والنسب الثابت شرعا لا يجوز نفيه اعتمادا على الوسائل الطبية الحديثة، ولا يجوز إجراء فحص البصمة للتأكد من صحة النسب الثابت شرعا.

ومما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المتعلق بالبصمة الوراثية:

ـ لا يجوز شرعا الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان.

ـ لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعا، ويجب على الجهات المختصة منعه وفرض العقوبات الزاجرة؛ لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس وصونا لأنسابهم. اهـ.

ومما أوصى به المجمع بعد هذا القرار: أن تمنع الدولة إجراء الفحص الخاص بالبصمة الوراثية إلا بطلب من القضاء، وأن يكون في مختبرات للجهات المختصة، وأن تمنع القطاع الخاص الهادف للربح من مزاولة هذا الفحص؛ لما يترتب على ذلك من المخاطر الكبرى. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني