السؤال
أريد الاستفسار حول الزواج بامرأة لديها الكذب المرضي. لقد قمت بالتقدم للخطبة من شهر جويلية 2017، وعند أول لقاء جمعني مع أبيها وجدناه يسرد ويحكي حكايات عجيبة وغريبة, وبعدها عندما ذهبت للفطور عندهم خمس مرات فقط في تسعة عشر شهرا، مدة الخطبة, كل مرة يقول لي أبوها إنه لا يحب الضيافات، أي أنه لا يريد أن يأتيه ضيوف، أو أن يذهب هو ضيفا.
أبوها عنده مرض الكذب المرضي على الراجح، وخطيبتي أيضا عندها كثير من الكذب, وعائلتها مقسمة: خطيبتي وأبوها في جهة، وأمها وأختها الصغيرة وأختها الكبيرة وزوج أختها الكبيرة في جهة أخرى, وانقسام عائلتها واضح للعيان.
فهل الزواج بامرأة عندها الكذب المرضي، ومصاهرة إنسان عنده كذب مرضي منصوح به، أم علي فسخ الخطبة؟
أريد النصيحة منكم -بارك الله فيكم- أما بالنسبة للاستخارة، فأنا أقوم بها يوميا أربع مرات مع كل صلاة بخلاف صلاة العصر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تعني بالكذب المرضي أن يطبع الشخص على الكذب، ويكون عادة له، ولا شك أن هذا خلق مذموم، لا يطبع عليه مؤمن، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب. وروى الإمام مالك في الموطأ عن صفوان بن سليم أنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانا؟ فقال نعم. فقيل له: أيكون المؤمن بخيلا؟ فقال نعم. فقيل له: أيكون المؤمن كذابا؟ فقال لا.
وعليه؛ فإن كانت الفتاة مصرة على الكذب متهاونة فيه، فهذا قادح في دينها، فلا ينصح بالزواج منها، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. وإن كانت صالحة فلا يضر كون أبيها كذابا، أو أن عائلتها مشتتة ونحو ذلك.
وبخصوص هذه الفتاة وأبيها، فإن لم يثبت عندك أنهما على الوصف المذكور - نعني الكذب - فلا يجوز اتهامهما به؛ لأن هذا من قبيل سوء الظن الذي جاءت النصوص بالتحذير منه؛ كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم{الحجرات:12}، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث.
وكما أن الاستخارة مهمة فكذلك الاستشارة، فاسأل عن هذه الفتاة من يعرفها من ثقات الناس، فإن أثنوا عليها خيرا فأقدم على الزواج منها، وإلا فدعها وابحث عن غيرها. وفسخ الخطبة جائز، وخاصة إن دعت إليه حاجة، ويكره لغير حاجة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18857.
وننبه إلى أن الاستخارة لا يشترط أن تكون مرتبطة بالصلوات المفروضة، والسنة أن تكون بعد أداء ركعتين نافلة، وللمزيد عن أحكامها راجع الفتاوى: 4823، 7234، 123457.
والله أعلم.