السؤال
منذ مدة تزوجت رجلا متزوجا بابنة خالتي من النسب. بعد ذلك قالت جدتنا بأنها قد أرضعت ابنة خالتي هاته مع خالة أخرى لنا لأكثر من خمسة عشر يوما. استفتينا بعض العلماء في بلدنا فجوزوه لنا، وآخرون قالوا بحرمته، ووجوب التفريق بيننا. فماذا يجب علينا فعله؟ وبرأي من نعمل؟ وهل نأثم بما مضى من عهد هذا الزواج؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكرت، فحقيقة الأمر أن هذا النكاح تضمن الجمع بين المرأة وخالتها من الرضاعة، وقد وقع الخلاف في حكم هذه المسألة، والجمهور على تحريم الجمع بينهما، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجواز، والراجح قول الجمهور.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: وهل الجمع بين الأختين من رضاع، وبين المرأة وعمتها، أو خالتها من رضاع يحرم، أو لا يحرم؟
الصحيح بلا شك أنه يحرم الجمع بينهن، وهو قول الجمهور، ولا إشكال فيه؛ لأن الدليل فيه واضح يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فكما حرم الجمع بين هاتين المرأتين بالنسب، فكذلك يحرم الجمع بينهما بالرضاع. خالف في هذا شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فقال: يجوز أن تجمع بين الأختين من الرضاع، وبين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، لكن قوله ضعيف، والحق أحق أن يتبع، والحديث واضح: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب سواء كان معنى أو عينا، فما يحرم من النسب بعينه من النساء يحرم من الرضاع، وما يحرم لمعنى فيه يحرم كذلك من الرضاع، وعلى هذا فلا يجمع بين الأختين من الرضاع، ولا بين امرأة وعمتها، ولا بين امرأة وخالتها من الرضاع. اهـ.
وبناء على هذا يجب فسخ النكاح الثاني دون الأول. جاء في الموسوعة الفقهية: إذا جمع المسلم بين من يحرم عليه الجمع بينهن، كما إذا عقد على أختين، أو جمع بين امرأة وعمتها، أو امرأة وخالتها ، فإن كان في عقد واحد بطل نكاحهما، وإن كانا في عقدين بطل نكاح الثانية. اهـ.
ولا حرج عليكم - إن شاء الله - فيما حصل للجهل بوجود ما يقتضي الحرمة، وإن وجد من هذا النكاح أولاد فهم لاحقون بهذا الرجل؛ لاتفاق المسلمين على أن كل نكاح اعتقد الزوج فيه أنه حلال لحقه فيه الولد، وإن كان النكاح باطلا في حقيقته.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه، فإنه يلحقه ولده، ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين ... إلى إن قال: فثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر، بل الولد للفراش؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 28816 .
والله أعلم.