السؤال
كيف يمكن التوفيق بين حديث "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وقاعدة "اليقين لا يزول بالشك"؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الحديث المذكور قد أخرجه الترمذي والنسائي والإمام أحمد في المسند، والمقصود منه الأمر بالابتعاد عن الأمر الذي التبس حكمه حيث تردد بين كونه منهيا عنه أو مطلوبا. قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شارحا لهذا الحديث: والمعنى: اترك ما تشك فيه منهما، والمقصود أن يبني المكلف أمره على اليقين البحت أو التحقيق الصرف، ويكون على بصيرة في دينه. انتهى. وهذا المعنى له أدلة من السنة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عيه: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. أما قاعدة "اليقين لا يزول بالشك" فالمقصود منها: أن الشيء يبقى على حكمه الثابت له ولا ينصرف عنه إلا بيقين، وقد قال الإمام السيوطي عن هذه القاعدة في كتابه "الأشباه والنظائر": اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه، والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر. انتهى. ثم ذكر بعض أدلتها مثل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه واللفظ لمسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن. رواه مسلم أيضا، فلا تناقض بين الحديث والقاعدة. والله أعلم.