السؤال
أعطاني الله جسدا قويا، الحمد لله. وكنت بصراحة أعصي الله به في أشياء كثيرة.
ثم ابتلاني الله في جسدي، وأصبحت أشعر بخمول وضعف عام، منذ حوالي سنتين إلى الآن.
ثم قررت التوبة نهائيا، ونذرت لله، أني لن أعود إلى المعاصي السابقة.
هل النذر شيء خاطئ؟ وهل يقبل الله التوبة هكذا فقط؟
مع العلم أني لم أظلم الناس، بل ظلمت نفسي فقط.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على توبتك, ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك, وأن يثبتك على طريق الحق, وأن يوفقك لكل خير.
ثم اعلم أن الله تعالى يقبل توبة عباده, بل ويفرح بها, فمهما عظم الذنب، فإنه لا يعظم على عفو الله، فمن سعة رحمة الله، وعظيم كرمه، أن العبد مهما أذنب، ثم تاب إلى الله توبة صادقة، فإن الله يقبل توبته، ويعفو عنه؛ قال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون {الشورى: 25 }. وقال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.
والتوبة تمحو ما قبلها، كما قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له. حسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع.
أما إقدامك على النذر, فهو غلط؛ لأنه مكروه, وقد ثبت النهي عنه، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 56564.
ونذرك هذا من قبيل نذر ترك المحرم, وأكثر أهل العلم على أنه لا ينعقد, وذهب بعضهم إلى أنه يلزم, فعلى القول بلزوم هذا النذر، تجب عليك كفارة يمين إذا عدت للمعاصي التي نذرت تركها, وانظر الفتويين: 15049، 141699.
وكان الأجدر بك أن تستعمل جسمك في مرضاة الله تعالى, وطاعته؛ فإن ذلك من شكر النعم, وهو سبب لزيادتها؛ قال تعالى: وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد {إبراهيم:7}.
ولا شك أن استعمال نعم الله تعالى في معاصيه, من أسباب زوالها.
قال ابن القيم في بدائع الفوائد: وهل زالت عن أحد قط نعمة إلا بشؤم معصيته, فإن الله إذا أنعم على عبد بنعمة، حفظها عليه، ولا يغيرها عنه حتى يكون هو الساعي في تغييرها عن نفسه: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال. انتهى.
والله أعلم.