السؤال
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض. وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي".
أريد أن أسأل: كيف أعرف أن من يخطبني هو من أصحاب هذا الحديث؟ أي ما هي الصفات التي يجب توفرها في الخاطب، حتى نعتبره من أصحاب هذا الحديث؟ هل الرضى هو أمر شخصي يتعلق بالفرد نفسه؟ وإذا كان كذلك. فما هي الصفات التي ترضونها بالنسبة إليكم إذا جاء خاطب إلى ابنتكم؟
وأريد أن أسأل سؤالا مهما آخر، يتعلق بالأمر نفسه، أرجو إجابتي عليه: إذا توفر في الخاطب ما ستقولون عليه من صفات، ولكن وجدت القليل من الصفات السيئة كأن يكون حالقا للحية، أو عاملا بمكان فيه اختلاط. هل أخبره بأني لن أقبل به إلا إذا ترك هذه المعاصي؟ علما بأنه ربما إذا فعلت ذلك تركها عن عدم اقتناع، خوفا من تركي له، وليس خوفا من الله، ثم من الممكن أن يعود إليها مستقبلا؟ أم أوافق عليه بسبب الصفات الحسنة، ثم أحاول تغيير هذه المعاصي باللين والرفق، ودعاء الله بعد الزواج؟
أخشى ألا أستطيع تغييرها رغم محاولاتي، فبم تنصحوني؟
أرجو أن ترشدوني؛ فإني خائفة جدا من هذا الأمر.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بمن يرضى دينه وخلقه، أن يكون مسلما صالحا، حسن الخلق.
جاء في المفاتيح في شرح المصابيح: فانظروا، فإن كان مسلما صالحا، حسن الخلق، فزوجوه. اهـ.
وقال المناوي -رحمه الله-: ترضون خلقه: بالضم، وفي رواية بدله أمانته ودينه، بأن يكون عدلا غير فاسق. اهـ.
والعدل هو المستقيم، الذي يؤدي الفرائض، ويجتنب الكبائر.
والراجح أن الأمر بتزويج صاحب الدين والخلق، للندب وليس للوجوب، فلا إثم على المرأة ولا على أوليائها في رد الخاطب ولو كان صاحب دين وخلق.
قال المناوي -رحمه الله- في شرح هذا الحديث: فزوجوه إياها، ندبا مؤكدا. اهـ.
كما أن المرأة إذا قبلت الزواج من الفاسق، فزواجها صحيح.
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: نكاح الفاسق للمرأة المسلمة، أو الكتابية المحصنة، صحيح. اهـ.
لكن ينبغي على المرأة الحرص على اختيار الزوج الصالح؛ فإن ذلك من أسباب سعادتها. مع التنبيه إلى أن الحكم على الخاطب، ينبغي أن ينظر فيه إلى مجموع صفاته وأخلاقه، فربما كان مقصرا في بعض الأمور، لكنه في الجملة صاحب دين وخلق، فالعبرة بمجموع الصفات والأخلاق والسلوك، والكمال عزيز.
ولا مانع من النظر إلى أمور أخرى تطلبها المرأة في الزوج، كالتقارب بينهما في مستوى المعيشة، أو مستوى التعليم، ونحو ذلك مما يكون عونا على التفاهم بين الزوجين، وراجعي الفتوى رقم: 71053، والفتوى رقم: 26055.
ولا حرج على المرأة في تعليق قبول الخاطب على تركه بعض المعاصي، أو فعل بعض الواجبات، بل هو أمر مطلوب، لا سيما إذا غلب على ظنها أنه سيجيبها إلى ذلك.
أما إذا رضيت الخاطب في الجملة، وخشيت أن ينصرف عنها إذا علقت القبول على هذا الأمر، فلا مانع من الانتظار والسعي في استصلاحه مستقبلا.
وللفائدة، ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.