السؤال
أريد توضيحا مقنعا للون النبي صلى الله عليه وسلم فيما ورد عن أنس -رضي الله عنه-: كان النبي صلى الله عليه وسلم أزهر اللون، ليس بأبيض أمهق، ولا آدم. رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد البياض. ومن حديث علي -رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مشربا بياضه بحمرة.
وجزاكم الله كل الخير على جهودكم الطيبة، ووفقنا الله وإياكم لهدي القرآن، وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أزال الحافظ ابن حجر -عليه رحمة الله- في الفتح الإشكال المتعلق بلونه صلى الله عليه وسلم، والمذكور في الأحاديث التي أشار السائل إليها حيث قال: قوله: أزهر اللون، أي: أبيض مشرب بحمرة، وقد وقع ذلك صريحا في حديث أنس من وجه آخر عند مسلم، وعند سعيد بن منصور، والطيالسي، والترمذي، والحاكم من حديث علي قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مشربا بياضه بحمرة. وهو عند ابن سعد أيضا عن علي، وعن جابر، وعند البيهقي من طرق عن علي. وفي الشمائل من حديث هند بن أبي هالة أنه أزهر اللون...
إلى أن قال: وتبين من مجموع الروايات أن المراد بالسمرة: الحمرة التي تخالط البياض، وأن المراد بالبياض المثبت ما يخالطه الحمرة، والمنفي ما لا يخالطه، وهو الذي تكره العرب لونه، وتسميه أمهق.
وقد تقدم في حديث أبي جحيفة إطلاق كونه أبيض، وكذا في حديث أبي الطفيل عند مسلم، وفي رواية عند الطبراني: ما أنسى شدة بياض وجهه مع شدة سواد شعره, وعن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يصف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كان شديد البياض. أخرجه يعقوب بن سفيان، والبزار، بإسناد قوي، والجمع بينهما بما تقدم. انتهى باختصار.
وفي شرح صحيح مسلم: قوله (ولا الأبيض الأمهق، ولا بالآدم) الأمهق بالميم هو شديد البياض، كلون الجص، وهو كريه المنظر, وربما توهمه الناظر أبرص، والآدم الأسمر، معناه: ليس بأسمر، ولا بأبيض كريه البياض، بل أبيض بياضا نيرا، كما قال في الحديث السابق أنه صلى الله عليه وسلم كان أزهر اللون، وكذا قال في الرواية التي بعده: كان أزهر. انتهى.
فقوله -رحمه الله-: وتبين من مجموع الروايات أن المراد بالسمرة الحمرة التي تخالط البياض، وأن المراد بالبياض المثبت ما يخالطه الحمرة، والمنفي ما لا يخالطه، وهو الذي تكره العرب لونه، وتسميه أمهق. يوضح المقصود من البياض المتصف به صلى الله عليه وسلم والبياض المنفي عنه.
وننصح السائل إذا أراد الاستزادة عن هذا الموضوع الرجوع إلى فتح الباري لابن حجر, فأنه قد أفاد وأجاد في هذه المسألة.
والله أعلم.