السؤال
أريد منكم دررا من كلام الصالحين والسلف في أننا عندما نسمع القرآن ونقرأه كأنما نسمع ونقرأ كلام الله، وعدم الالتفات إلى أن من يتلو وينطق هو القارئ؟
أريد منكم دررا من كلام الصالحين والسلف في أننا عندما نسمع القرآن ونقرأه كأنما نسمع ونقرأ كلام الله، وعدم الالتفات إلى أن من يتلو وينطق هو القارئ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما من شك في أن إحضار القلب عند تلاوة القرآن، واستشعار أن المخاطب للعبد به هو منزله تبارك وتعالى، لا شك أن ذلك من أعظم أسباب زيادة الإيمان، وكلام السلف وأهل العلم في هذا كثير جدا، تضيق عنه هذه الفتوى المختصرة، وما أحسن ما قال ابن القيم -رحمه الله- في فاتحة كتاب الفوائد له: إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله، قال تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}. انتهى.
وقال الإمام النووي -رحمه الله- في التبيان: فإذا شرع في القراءة، فليكن شأنه الخشوع، والتدبر عند القراءة، والدلائل عليه أكثر من أن تحصر، وأشهر وأظهر من أن تذكر، فهو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، قال الله عز وجل: (أفلا يتدبرون القرآن)، وقال تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته)، والأحاديث فيه كثيرة، وأقاويل السلف فيه مشهورة، وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة يتدبرونها، ويرددونها إلى الصباح...
ثم قال: وقال السيد الجليل ذو المواهب والمعارف إبراهيم الخواص -رضي الله تعالى عنه-: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين.
وروينا عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح، والآية: إن تعذبهم فإنهم عبادك. الآية. رواه النسائي، وابن ماجه.
وعن تميم الداري -رضي الله تعالى عنه- أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون).
وعن عبادة بن حمزة قال دخلت على أسماء -رضي الله عنها- وهي تقرأ: (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم)، فوقفت عندها، فجعلت تعيدها وتدعو، فطال علي ذلك، فذهبت إلى السوق، فقضيت حاجتي ثم رجعت، وهي تعيدها وتدعو. ورويت هذه القصة عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-. انتهى.
وكلام أهل العلم في هذا المعنى كثير جدا، وفي هذا القدر كفاية -إن شاء الله-.
والله أعلم.