السؤال
أخاف الله وملتزمة بصلاتي، لكني أكره الحياة؛ لأن كل ما أريده لا يأتيني، أريد الرجوع إلى ربي، فأنا أعيش بحزن لا يعلمه إلا الله.
أعلم أن الشكوى لغير الله مذلة، ولكني أريد أن أسألكم: لماذا أفشل في حياتي؟ ففي دراستي كلما أتقدم في معهد يتم رفضي، مرت سنوات وأنا لم أكمل دراستي.
أنا أحسن ظني برب العالمين، وقد بلغني الله تعالى ختمة كتابه، وأعلم أن الله لا يضيع أحدا، أعلم أن الكثير تمسكوا بكتاب الله، فحقق لهم كل ما يتمنون، قال تعالى: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين}، لكن وساوس الشيطان تراودني بأن كل شيء مستحيل.
أريد منكم أن تنصحوني ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعجب كل العجب لك -أيتها الأخت الكريمة-، كيف تتحدثين عن الفشل، وقد ذكرت أنك ختمت كتاب الله تعالى؟ وهل ثم توفيق ونجاح أعظم من هذا؟ فاعلمي -هداك الله- أن التوفيق للطاعة هو أهم ما يعنى به المسلم، فتوفيقك لتلاوة القرآن وتدبره والعمل به: هو أعظم ما تنالين به مأمولك في الدنيا والآخرة، ومن ثم فينبغي أن يكون هذا أعظم ما تحرصين عليه، وثقي أنك لو تمسكت بكتاب الله وعملت به؛ فإن الله سيوفقك لما تحبين، فاستمري في طريق الالتزام والاستقامة، محسنة ظنك بربك تعالى، واثقة بتوفيقه وعونه.
وأما قولك لماذا تفشلين إلخ؛ فعليك أن تنظري في الأسباب الحسية التي تؤدي إلى هذا، ثم عالجيها معالجة موضوعية، فإن الله تعالى قد أجرى الكون على وفق أسباب وسنن من أخذ بها أثمرت نتائجها بإذنه تعالى.
فننصحك -بارك الله فيك- بالنظر إلى الإيجابيات، وإذكاء جذوتها، والتفكير المستمر فيها، فأنت بحمد الله ذات قدرات ممتازة، بدليل أنك وفقت لأعظم ما يوفق له عباد الله الصالحون وهو ختم كتاب الله تعالى، ولو فكرت في الجوانب الإيجابية في حياتك فستجدين الخير بحمد الله كثيرا جدا، وستجدين أن ما أولاك الله به من النعم، وما حققته من النجاحات أعظم بكثير مما فاتك، فهذه واحدة.
ثم الثانية: عليك أن تؤمني بالقدر، وتعلمي يقينا أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وتعلمي يقينا أن الله تعالى أرحم بك من أمك التي ولدتك، وأنه سبحانه أعلم بمصلحتك من نفسك، فما فاتك من شيء فإنما فاتك لحكمة يعلمها الله تعالى تعجز عقول البشر القاصرة عن إدراكها.
واشتغلي بما ينفعك من العلم النافع والعمل الصالح، واثقة بنفسك وقدراتك، محسنة ظنك بربك تعالى، عالمة أن النجاح كل النجاح والتوفيق كل التوفيق هو: أن ينقذ العبد نفسه بصالح العمل، ويعتقها من عذاب الله تعالى وسخطه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها أو موبقها. أخرجه مسلم.
والله أعلم.