السؤال
ما شروط تفسير الرؤيا؟ وما حكم الشرع في أخذ الأجرة على ذلك؟ ولماذا اختار الله عز وجل يوسف عليه السلام لتفسير الرؤيا، مع أن أباه يفسرها كذلك ولم يكتف به؟ أرجو الرد، وشكرا لكم.
ما شروط تفسير الرؤيا؟ وما حكم الشرع في أخذ الأجرة على ذلك؟ ولماذا اختار الله عز وجل يوسف عليه السلام لتفسير الرؤيا، مع أن أباه يفسرها كذلك ولم يكتف به؟ أرجو الرد، وشكرا لكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فيتشرط لتعبير الرؤى أن يكون المعبر عالما بالتعبير، وقد قال الإمام مالك: لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها، فإن رأى خيرا، أخبر به، وإن رأى غير ذلك، فليقل خيرا، أو ليصمت. اهـ. وفي رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي قوله: ولا ينبغي أن يفسر الرؤيا من لا علم له بها .. اهـ.
قال شارح الرسالة النفراوي في كتابه: الفواكه الدواني: لأنه يكون من الكذب؛ لأن الإخبار من غير العالم كذب، قال تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم {الإسراء:36}. وانظر المزيد في الفتاوى التالية أرقامها: 293815، 175199، 115885 .
وأما أخذ الأجرة على التعبير؛ فلا بأس به إذا كان المعبر عالما بالتعبير، فقد ذكر بعض الفقهاء جواز أخذ الجعالة والأجرة على تعبير الرؤيا؛ لأن التعبير ليس من القربات التي يمنع من أخذ الأجرة عليها، قال السيوطي في الحاوي: وفي جواز أخذ الجعالة على تأويل الرؤيا وقفة، ويقرب الجواز؛ لأنه ليس من الفروض والعبادات التي يمتنع أخذ الأجرة عليها، ووجه التوقف كونه كلاما يقال، فيشبه الاستئجار على كلمة لا تتعب، ولكن الفرق أوضح، وفي الثواب عليه إذا لم يأخذ أجرة وقفة أيضا، والأقرب أنه لا ثواب؛ لأنه ليس من العلوم المفروضة، ولا المندوبة، بل من المباحات. اهـ.
كما نصوا على جواز أخذ الأجرة على تعليم التعبير، ولا نرى فرقا بين تعليمه والتعبير في جواز أخذ الأجرة، ما دام أنه من المباحات، وليس من القرب، جاء في مجمع الأنهار -من كتب الحنفية- في معرض ذكره لما يجوز أخذ الأجرة عليه: ...وكتابة المصحف، والفقه، وتعليم الكتابة، والنجوم، والطب، والتعبير، والعلوم الأدبية، فإن أخذ الأجرة في الجميع جائز بالاتفاق. اهــ. ومثله ما جاء في الفتاوى الهندية: ولو استأجر لتعليم ولده الكتابة، أو النجوم، أو الطب، أو التعبير، جاز بالاتفاق .. اهـ.
وأما سؤالك: "ولماذا اختار الله عز وجل يوسف"، فالله تعالى يفضل بعض عباده على آخرين بعلمه، وحكمته، وقد قال تعالى: وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ... {الإسراء:55}، قال القرطبي في تفسيره: فضل بعضهم على بعض عن علم منه بحالهم .. اهـ.
وفي التحرير والتنوير: فإذا كان التفضيل قد أنبأ به رب الجميع، ومن إليه التفضيل، فليس من قدر الناس أن يتصدوا لوضع الرسل في مراتبهم، وحسبهم الوقوف عند ما ينبئهم الله في كتابه، أو على لسان رسوله. اهـ.
فيكفيك -أخي السائل- أن تعلم أن الله اختص يوسف -عليه السلام- بمزيد فضل في تعبير الرؤى، ولست بحاجة أن تسأل عن سبب تفضيله في هذا عن أبيه يعقوب -عليه السلام-.
والله تعالى أعلم.