السؤال
ما حكم الوضوء والغسل من ماء مغصوب، استجلب بكهرباء مغصوبة، وسخن بسخان مغصوب، وبغاز مغصوب؟ هل يصح الوضوء والغسل، وتجوز الصلاة مع إثم الغصب؟ وهل تصح صلاة من وضعت عطرا، وشمها الرجال؟
ما حكم الوضوء والغسل من ماء مغصوب، استجلب بكهرباء مغصوبة، وسخن بسخان مغصوب، وبغاز مغصوب؟ هل يصح الوضوء والغسل، وتجوز الصلاة مع إثم الغصب؟ وهل تصح صلاة من وضعت عطرا، وشمها الرجال؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الماء نفسه مغصوبا، ففي صحة الطهارة به خلاف، فيرى صحتها الجمهور مع الإثم، ويرى الحنابلة في معتمد المذهب بطلانها، وقول الجمهور أرجح -إن شاء الله-، ورجح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- صحة الطهارة بالماء المغصوب، فقال: ولو توضأ بماء مغصوب، فلا يصح الوضوء على المشهور من المذهب؛ لأن الماء المغصوب يحرم استعماله.
والقول الثاني، وهو الراجح: أنه يصح أن يتوضأ بماء مغصوب مع الإثم، وعليه ضمانه لصاحبه.
وقال في بيان وجه رجحان هذا القول: وكذلك ـ أيضاـ لو توضأ بماء مغصوب، فعلى هذه الرواية ـ التي هي خلاف المذهب ـ الوضوء صحيح، وهو الصحيح؛ لأن هذا التصرف لا يختص بالوضوء؛ إذ إن تصرف الغاصب بالمغصوب يشمل الوضوء، وغير الوضوء، فالغاصب لم ينه عن الوضوء، لم يقل له: لا تتوضأ بالماء المغصوب، بل قيل له: لا تتصرف بالماء المغصوب، ولما لم يكن النهي خاصا بل كان عاما، صارت العبادة صحيحة، هذا هو القول الراجح، ويدل لهذا: أن الغيبة على الصائم حرام، والأكل ـ أيضا ـ حرام، فلو أكل فسد صومه، أما لو اغتاب لم يفسد؛ لأن الأكل حرام على الصائم بخصوصه، والغيبة ليست حراما على الصائم بخصوصها، بل هي حرام عليه، وعلى غيره، فتبين بهذا الفرق الواضح بين العموم والخصوص. انتهى.
وأما لو كان المغصوب هو ما سخن به الماء من كهرباء، أو غاز، أو نحو ذلك، فلا شك في الإثم كذلك لأجل الغصب، ولكن الطهارة صحيحة، وقد نص فقهاء الحنابلة على كراهة الوضوء بما سخن بمغصوب، جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن قاسم: وكذا ما سخن بمغصوب، فيكره لاستعمال المغصوب فيه. انتهى.
وأما من وضعت عطرا وشمه الرجال، فصلاتها صحيحة مع الإثم؛ إذ لا موجب لبطلان الصلاة -والحال هذه-.
والله أعلم.