السؤال
نريد ردا بليغا في نفس كل حاقد يقول: "النقاب سبب لتفشي الإرهاب، والخيانات الزوجية".
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنود أن نؤكد في البداية حقيقتين أساسيتين:
أولاهما: أن تغطية المرأة وجهها بالنقاب، أو غيره، أمر مشروع، دائر عند أهل العلم بين الوجوب والاستحباب، وسبق لنا بيان ذلك بأدلته في الفتوى ذات الرقم: 50794.
وثانيهما: أن كثيرا ممن يردد الشبهة التي أوردتها بسؤالك من الحاقدين على الإسلام -كما وصفتهم-؛ ولذلك فجل همهم هو الطعن في هذا الدين وثوابته، فتجد أن مشكلتهم في أصل الإيمان، فأمثال هؤلاء ينبغي عند الحوار معهم الاجتهاد في صرفهم إلى القضايا الكلية الإيمانية، وعدم إضاعة الوقت في الكلام معهم في شيء من الفروع.
وهنالك ممن ينطق بمثل هذه الشبهة عن جهل، وتقليد، فلا يمكن أن نصفه بأنه حاقد على الإسلام، بل عنده إيمان بالأصول والمبادئ.
وجوابا عن الشبهة المذكورة نقول:
إن ما شرعه الله تعالى، فإنه يشرعه عن علم، وحكمة، فهو من خلق الخلق، وهو أدرى بحالهم، كما قال تبارك وتعالى: ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير {الملك:14}. وما شرعه فمصلحته خالصة، أو راجحة، ورحم الله من قال:
الدين جاء لسعادة البشر ولانتفاء الشر عنهم والضرر
فكل أمر نافع قد شرعه وكل ما يضرنا قد منعه.
ومن أعظم المصالح في تغطية المرأة وجهها نشر العفة، والفضيلة، وصيانة المجتمع عن كل ما يدعو إلى الفساد، والرذيلة؛ فالغالب أن الوجه محل نظر الرجل من المرأة، فهو مجمع المحاسن، ومعيار الجمال؛ ولهذا فإن بعض من ذهبوا إلى استحباب تغطية الوجه ولم يروا وجوبه، اختاروا القول بالوجوب عند فساد الزمان، كما هو موضح في الفتوى التي سبقت الإحالة إليها.
وهذه الحكمة في تشريع النقاب، والمعنى النبيل الذي قصده منه الشرع، لا يفهمه ولا يدركه صاحب العقل السقيم، والقلب المفتون.
وإن وجد من النساء من قد تستغل النقاب لتحقيق بعض أغراضها السيئة، فلا يعود ذلك على أصل تشريعه بالإبطال، وإلا لأبطلنا الدين كله؛ لكون بعض الناس يتخذونه غرضا من أجل مصالح دنيوية رخيصة، وهذا ما لا يقوله عاقل.
ولنا تحفظ على كلمة الإرهاب التي أصبحت تطلق من غير ضابط وتعريف محدد لها.
وإن وجد من المنتقبات من تمارس عنفا مثلا، فليس للنقاب علاقة بذلك، ولكن المرجع فيه غالبا إلى أفكار متطرفة تعتقدها من التكفير، ونحوه.
والله أعلم.