السؤال
هل الزيادة في الذكر المطلق عن فعل الصحابة فيه معنى من معاني الخوارج؟
نحن في الحي نحاول أن نربي الأطفال على سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلمناهم سنن الجمعة، ومنها: كثرة الصلاة علي النبي، وجعلناها سباقا بينهم، من يأتي بأكثر عدد يأخذ جائزة، فتبارى الأطفال لدرجة أنهم وصلوا إلى ١٠٠٠٠٠ صلاة على النبي في يوم الجمعة وحده، ولكن سمعت أمرا أقلقني، وهو حديث النبي للصحابة أنهم يحقرون عبادتهم بجوار عبادة الخوارج، وحديث الثلاثة الذين قال لهم النبي: من رغب عن سنتي فليس مني. عندما أرادوا الزيادة على عبادته، وحديث إنكار عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- على أهل الذكر في الحلق، ثم وجد أغلبهم في يوم النهروان.
هذه المعاني تجتمع على أن نفهم حديث الصلاة على النبي، ونعمل به كما عمل به الصحابة، ولا نزيد عليه. فهل على هذا نكون مصيبين إن استمررنا في تشجيع الأطفال على التنافس؟ أم نكون في خطر من هذه المعاني؟ وهل الأعمال التعبدية المطلقة (كالذكر المطلق هنا) نحدها بفعل النبي وصحابته؟ أم يمكن أن يفتح الله علينا في باب فنأتي منه ما نحب، ما دام جاء فيه نص بعدم التقييد؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأذكار المطلقة إنما سميت بذلك؛ لأنه لم يأت في الشرع تحديد لعددها، ولا تخصيص لزمانها أو حالها، وإنما جاء الترغيب المطلق فيها، وبالتالي فلا حرج – بل يستحب - الإكثار منها دون تقيد بعدد معين، ولا تخصيص بفضيلة معينة.
وإذا اتضح ذلك فلا يصح أن يقال في الذكر المطلق: (نعمل به كما عمل به الصحابة ولا نزيد عليه)! أو: (نحدها بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته)! لأنه لم يأت أصلا تعيين في ذلك، وليس فيه حد ينهى عن تجاوزه، بل العمل فيه يكون انطلاقا من الأمر بالإكثار من الذكر، وإدامته على كل حال، والترغيب المطلق فيه. بخلاف الأذكار المقيدة التي أتى فيها تعيين عدد، أو تحديد زمن، أو حال؛ كأذكار أدبار الصلوات، والذكر عند دخول المسجد، وعند الخروج منه، وأذكار الصباح والمساء والنوم، ونحو ذلك. وراجع في ذلك الفتاوى التالية: 133858، 268219، 52620.
وأما أثر ابن مسعود -رضي الله عنه-، فالمحذور الذي نهى عنه فيه إنما هو الذكر الجماعي، وتحديد أعداد معينة للأذكار المطلقة لم يرد لها تحديد في الشريعة، وراجع في ذلك الفتاوى التالية: 312697، 50497، 132779 .
والله أعلم.