السؤال
أنا طبيبة متدربة، انتقلت مؤخرا للعيش في أمريكا الشمالية بشكل دائم، ولكي أحصل على الخبرة الطبية في سيرتي الذاتية قبل الاختصاص، يشترط أن أتدرب فترة لدى طبيب أكبر، وأنا في هذه المرحلة أتدرب عند طبيب مسلم كبير في السن، وأغلب زوار عيادته من المسلمين، وهذا الطبيب الذي أتدرب عنده، يترك لي غرفة كشف في جوار غرفته، أراجع فيها المرضى أولا قبل أن يراهم هو؛ ليؤكد تشخيصي، كنوع من تعويدي على ما سأراه مستقبلا، وفي أحيان كثيرة يكون هؤلاء المرضى رجال، وقرأت الآن على موقع: (يشترط في معالجة المرأة للرجل: ألا يكون هناك رجل يستطيع أن يقوم بالمعالجة)، ويقول الموقع: (ولا يجوز للمرأة أن تعالج رجلا إلا للضرورة)، وفي الواقع أنا أقوم بالاطلاع على الحالة قبل الطبيب؛ كي آخذ الخبرة، وقرأت أيضا: (وأما معالجة المرضى الرجال، وما يتبع ذلك من اختلاط، وخلوة، فهذا مما لا يجوز شرعا).
والقوانين هنا لا تسمح بوجود شخص ثالث مع المريض في الغرفة، إلا عائلته لو أتت معه، فلا يتاح لي إدخال ممرضة، أو غيرها، كما كان النظام في بلادنا المسلمة، وأنا محتارة، ولا أدري ماذا أفعل، خصوصا أن هذه الفرصة التي حصلت عليها تعتبر نادرة، ولا يوجد أطباء كثر يسمحون للمتدربين بالكشف شخصيا على المرضى، وأنا أحتاج هذه الخبرة كي أتخصص، وأفيد المسلمين في مكان يندر فيه وجود المسلمين -كما تعلمون-، فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأمر على ما قرأت من أنه لا يجوز للمرأة مداواة الرجال، مع إمكانية حصول ذلك عن طريق طبيب، ويستوي في ذلك التطبيب والتدريب، ويستثنى من ذلك حالة الضرورة، أو الحاجة، وسبق لنا بعض الفتاوى في ذلك، فيمكن مطالعة الفتويين: 340045، 133317.
وينبغي أن تجتهدي في البحث عن سبيل يمكنك من خلاله تحقيق غرضك، وينتفي فيه المحذور الشرعي.
فإن لم تجدي لذلك سبيلا، فلا حرج عليك - إن شاء الله- في التدريب في الحالة التي ذكرت، مع اتخاذ الاحتياطات المانعة لأسباب الفتنة، فمثلا تتركين الباب على حال لا يمنع دخول ثالث، فقد ذكر بعض أهل العلم، أن الخلوة تنتفي بكون الرجل والمرأة في مكان يمكن أن يدخل عليهما فيه ثالث، وانظري الفتوى: 102351.
ومن الضوابط الشرعية التي ينبغي عليك مراعاتها أيضا عند تطبيب الرجل: أن لا تمسي من جسده إلا ما تدعو إليه الحاجة، مع لبس القفازين، ما أمكن.
وكذلك بالنسبة للنظر: لا تنظرين إلا إلى ما تدعو إليه الحاجة؛ لأن الحاجة تقدر بقدرها، كما هو الحال في الضرورة، فلا يتجاوز قدرها، قال الشوكاني في نيل الأوطار عند شرحه حديث أنس -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم، ونسوة معها من الأنصار، يسقين الماء، ويداوين الجرحى. رواه مسلم قال: فيه دليل على أنه يجوز للمرأة الأجنبية معالجة الرجل الأجنبي للضرورة... إلى أن قال: وهكذا حال المرأة من رد القتلى والجرحى، فلا تباشر بالمس، مع إمكان ما هو دونه. اهـ.
والله أعلم.