أحكام من نسي التشهد الأول وقام إلى الثالثة

0 57

السؤال

إن قام بعد الإمام الثانية ناسيا التشهد الأول، فاستتم قائما، فسبح الناس، ولم يشرع في القراءة.
المذهب المعتمد عند الحنابلة كما لا يخفاكم: يكره له الرجوع.
إن قال هذا الإمام: رجوعي أولى لجهل الناس؛ فمنهم من لم يقم، وسيبقون يسبحون، لا يعلمون أنه واجب تركه ناسيا، وانتقل، ويجبر بسجود السهو، فلجهل الجماعة، وعدم التشويش عليهم الأولى أرجع.
فجهل الجماعة، وعدم التشويش عليهم حاجة تزول بها الكراهة ما دام أني لم أشرع في القراءة، والكراهة تزول بأدنى حاجة، وجهل الجماعة حاجة تزول بها كراهة الرجوع. فهل تعليله هذا لرجوعه يزيل الكراهة عند أهل العلم؟ نأمل الإفادة عن أقوال أهل العلم في هذه المسألة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن رجع الإمام للجلوس بعد استتمامه قائما، وقبل الشروع في القراءة، فصلاته صحيحة عند الحنابلة، لكنه فعل مكروها، وعند بعض أهل العلم -وهو ما رجحه الشيخ ابن عثيمين- أن الصلاة تبطل، والحال هذه.

وعلى معتمد مذهب الحنابلة، فإنهم لم يستثنوا من الكراهة حال جهل المأمومين بالحكم، وعند الحنابلة أقوال أخرى في المسألة منها قول بأن الرجوع ليس مكروها، ولكنه خلاف الأولى، وقول بأن الإمام مخير في تلك الحال، إن شاء رجع وإن شاء مضى، وقول بوجوب المضي وتحريم الرجوع وهو مذهب الشافعية، وترجيح الشيخ ابن عثيمين؛ كما ذكرنا. وليس ما ذكره هذا الإمام بمستقيم؛ لأن الواجب على المأموم متابعة الإمام، والحال هذه.

والمأمومون إن سبحوا فلم يرجع، فإنهم سيتابعونه ولا بد، وهذا هو الواجب عليهم على معتمد مذهب الحنابلة، وفي المذهب قول بوجوب تشهدهم ثم متابعته، وأيا فعلوا فصلاتهم صحيحة، إن شاء الله.

قال المرداوي: فائدة: لو كان إماما، فلم يذكره المأموم حتى قام، فاختار المضي أو شرع في القراءة، لزم المأموم متابعته. على الصحيح من المذهب. وعنه، يتشهد المأموم وجوبا. قال ابن عقيل في التذكرة: يتشهد المأموم ولا يتبعه في القيام، فإن تبعه ولم يتشهد، بطلت صلاته.

والواجب تعليم الناس أحكام الشرع لا التماهي مع جهلهم ومماشاتهم عليه. وهاك تفصيل المسألة عند فقهاء الحنابلة كما ذكره المرداوي في الإنصاف وعبارته: قوله: وإن نسي التشهد الأول ونهض، لزمه الرجوع، ما لم ينتصب قائما، فإن استتم قائما لم يرجع، وإن رجع جاز. اعلم أنه إذا ترك التشهد الأول ناسيا وقام إلى ثالثة، لم يخل من ثلاثة أحوال؛ أحدها، أن يذكر قبل أن يعتدل قائما، فهنا يلزمه الرجوع للتشهد، كما جزم به المصنف هنا. ولا أعلم فيه خلافا، ويلزم المأموم متابعته، ولو بعد قيامهم وشروعهم في القراءة. الحال الثانية، ذكره بعد أن استتم قائما، وقبل شروعه في القراءة، فجزم المصنف أنه لا يرجع، وإن رجع جاز. فظاهره، أن الرجوع مكروه، وهو إحدى الروايات، وهو الصحيح من المذهب. قال في الفروع: والأشهر يكره الرجوع. وصححه في النظم. قال الشارح: الأولى أن لا يرجع، وإن رجع جاز. قال في الحاوي الكبير: والأولى له أن لا يرجع. وهو أصح. قال في المحرر، و المغني: أولى. وجزم به في التلخيص، و ناظم المفردات. وهو منها. وقدمه في مجمع البحرين. وعنه، يخير بين الرجوع وعدمه. وعنه، يمضي في صلاته، ولا يرجع وجوبا. اختاره المصنف، وصاحب الفائق. وعنه، يجب الرجوع، وأطلقهما في الفروع.... الحال الثالثة، ذكره بعد أن شرع في القراءة، فهنا لا يرجع، قولا واحدا، كما قطع به المصنف بقوله: وإن شرع في القراءة، لم يجز له الرجوع. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة