السؤال
"أمرت أن أسجد على سبعة أعظم"، هل الأمر للوجوب؟ مع تفصيل أقوال الفقهاء.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في الأمر الوارد في الحديث بالسجود على الأعضاء المذكورة ــ غير الجبهة ــ هل هو للوجوب أم للاستحباب؟
فقال بعضهم: للوجوب، وقال آخرون: للاستحباب.
وأما تفصيل أقوال الفقهاء، فنكتفي بنقل كلام ابن قدامة فيه في كتابه المغني، فقد قال -رحمه الله تعالى-:
والسجود على جميع هذه الأعضاء واجب، إلا الأنف، فإن فيه خلافا سنذكره -إن شاء الله، وبهذا قال طاوس، والشافعي في أحد قوليه، وإسحاق.
وقال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي في القول الآخر: لا يجب السجود على غير الجبهة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سجد وجهي)، وهذا يدل على أن السجود على الوجه، ولأن الساجد على الوجه يسمى ساجدا، ووضع غيره على الأرض لا يسمى به ساجدا، فالأمر بالسجود ينصرف إلى ما يسمى به ساجدا دون غيره، ولأنه لو وجب السجود على هذه الأعضاء، لوجب كشفها، كالجبهة. وذكر الآمدي هذا رواية عن أحمد. وقال القاضي في "الجامع": وهو ظاهر كلام أحمد؛ فإنه قد نص في المريض يرفع شيئا يسجد عليه، أنه يجزئه، ومعلوم أنه قد أخل بالسجود على يديه. ولنا ما روى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: أمرت بالسجود على سبعة أعظم: اليدين، والركبتين، والقدمين، والجبهة. متفق عليه. وروي عن ابن عمر رفعه: إن اليدين يسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه، فليضع يديه، وإذا رفعه، فليرفعهما. رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي.
وسجود الوجه لا ينفي سجود ما عداه، وسقوط الكشف لا يمنع وجوب السجود، فإنا نقول كذلك في الجبهة على رواية، وعلى الرواية الأخرى: فإن الجبهة هي الأصل، وهي مكشوفة عادة، بخلاف غيرها ...
وفي الأنف روايتان: إحداهما: يجب السجود عليه ... والرواية الثانية: لا يجب السجود عليه. وهو قول عطاء، وطاوس، وعكرمة، والحسن، وابن سيرين، والشافعي، وأبي ثور، وصاحبي أبي حنيفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، ولم يذكر الأنف فيها، وروي أن جابرا قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم سجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر. اهـ.
والله تعالى أعلم.