الأدلة على وجوب تقديم كلام الله وكلام رسوله على كل قول

0 66

السؤال

أؤمن أنه إذا عارض قول قائل كلام الله تعالى، فإن كلام الله هو الحق لا محالة، وأريد الآيات القرآنية التي تؤيد ما أقول. جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلا شك في وجوب تقديم كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على كل كلام يخالفه، والأدلة مستفيضة من الكتاب والسنة على هذا، وانعقد عليه إجماع المسلمين.

والآيات القرآنية الدالة على هذا، أشهر وأكثر من أن تحصر، فكل الآيات التي فيها الأمر بطاعة الله، وطاعة رسوله، والمحذرة من معصية الله، ومعصية رسوله، هي دليل على وجوب تقديم قول الله وقول رسله على ما يخالفه.

وكل الآيات التي فيها وجوب تحكيم شرعه، ووجوب اتباعه، ورد ما اختلف فيه الناس إليه، وعدم تقديم قول على قوله، هي دليل على ذلك، وكل الآيات التي فيها ذم من اتبع قول الآباء وقدمه على قول الله وقول رسوله، هي دليل على ذلك.

ومن ذلك: قول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم {الحجرات:1}، وعن ابن عباس: قوله: {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات:1] يقول: لا تقولوا خلاف الكتاب، والسنة. اهــ.

قال السعدي في تفسير هذه الآية: وفي هذا النهي الشديد عن تقديم قول غير الرسول صلى الله عليه وسلم على قوله، فإنه متى استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجب اتباعها، وتقديمها على غيرها، كائنا ما كان.. اهــ.

ومن ذلك: قوله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم {الأحزاب:36}، قال في أضواء البيان: فإنه يدل على أن أمر الله، وأمر رسوله، مانع من الاختيار، موجب للامتثال، وذلك يدل على اقتضائه الوجوب، كما ترى، وأشار إلى أن مخالفته معصية بقوله بعده: ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا. اهــ.

ومن ذلك: قوله تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون {الأعراف:3}، قال ابن كثير: {ولا تتبعوا من دونه أولياء} أي: لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره، فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره. اهــ.

ومن ذلك: قوله تعالى: الحق من ربك فلا تكونن من الممترين {البقرة:147}، وقوله تعالى: إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين {الأنعام:57}، وقوله تعالى منكرا على من قال في الأنبياء قولا خلاف قوله تعالى فيهم: أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون {البقرة:140}.

ومنه قوله تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب {الحشر:7}، قال السعدي: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، وهذا شامل لأصول الدين وفروعه، ظاهره وباطنه، وأن ما جاء به الرسول يتعين على العباد الأخذ به، واتباعه، ولا تحل مخالفته، وأن نص الرسول على حكم الشيء كنص الله تعالى، لا رخصة لأحد، ولا عذر له في تركه، ولا يجوز تقديم قول أحد على قوله. اهــ.

ومنه قوله تعالى في سورة النساء: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {النساء:65}، قال ابن كثير: وقوله: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}، يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة: أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به، فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا؛ ولهذا قال: {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}، أي: إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم، فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن، فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة، ولا مدافعة، ولا منازعة، كما ورد في الحديث: "والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به". اهــ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة