السؤال
ماتت امرأة عن عشرة أولاد: ثلاثة ذكور، وسبع بنات، وتركت منزلا، ومحلا، وقبل موتها نقلت ملكية المحل إلى اثنين من الأبناء الذكور، وحرمت الابن الثالث، ونقلت ملكية البيت إلى البنات السبع، مع العلم أن الابن الثالث ضرب والديه، وهجرهما عشر سنوات، وبعد موت الأم يقول: إنه يرضى بمبلغ بسيط، أقل من حصته الشرعية بكثير.
والسؤال هنا: إذا كان يحق له الميراث، ورضي بمبلغ بسيط حدده بنفسه، فهل يجوز إعطاؤه المبلغ الذي طلبه بنفسه فقط؟ مع العلم أن جميع الأطراف كانوا موافقين على التقسيم قبل وفاة الأم عدا الابن العاق. أفيدونا -يرحمكم الله-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: لا شك أن ضرب الوالدين من أكبر العقوق، وأشنع الإثم، ولا يفعله إلا مخذول مرذول، وإذا انضم إلى ضربهما هجرهما، فالخطب أعظم، والعاقبة وخيمة، إلا أن يتدارك الله تعالى ذلك العاق برحمته، ويتوب عليه قبل مماته.
والعقوق وإن كان من كبائر الذنوب، إلا أنه ليس مانعا من موانع الإرث، وموانع الإرث ثلاثة، وهي: القتل، والرق، واختلاف الدين.
كما أن الابن أيضا يرث والده بسبب النسب، لا بسبب البر، فالابن العاق يرث، وعليه إثم العقوق، فالواجب تمكين ذلك الابن من أخذ نصيبه من الميراث كاملا.
وما فعلته الأم قبل مماتها من نقل ملكية البيت إلى البنات، وملكية المحل إلى ابنيها، إن كانت فعلت ذلك على أن يستلموه بعد مماتها، فهذه تعتبر وصية لوارث، وهي ممنوعة شرعا.
والواجب بعد مماتها، قسمة البيت، والمحل على الورثة -بمن فيهم الابن العاق- القسمة الشرعية.
وإن كانت الأم فعلت ذلك على أنه هبة في حياتها، ووهبتهم البيت، والمحل، وهي في غير مرض مخوف، واستلمت البنات والأبناء تلك الهبة في حياتها؛ فإنها وإن كانت هبة جائرة، فإنها تصير بموتها هبة ماضية، ويتملك الأبناء المحل، والبنات البيت، في قول أكثر أهل العلم، ولا شيء للابن العاق؛ لأن البيت، والمحل ليس ملكا لوالدته وقت وفاتها.
فعلى الاحتمال الأول، وهو أن البيت، والمحل إرث، فللعاق نصيبه الشرعي منه، إلا أن تطيب نفسه بالتنازل عنه، أو عن بعضه لإخوته.
وعلى الاحتمال الثاني، فليس له إلا ما طابت به نفوس إخوته؛ لأن البيت، والمحل ملك خاص لهم، وليس تركة.
وانظر الفتوى: 161261، والفتوى: 240931، والفتوى: 121878، والفتوى: 170967.
والله تعالى أعلم.