السؤال
نحن عائلة نعيش مع أمي وزوجة أبي، وذات يوم تشاجرت أختي الصغرى مع زوجة أبي، ونعتتها بـ "الساحرة"، وأنها السبب في تعطيل أمورنا، عكس أولادها الذين أمورهم في أحسن حال، ومنذ ذلك اليوم ونحن -الإخوة الأشقاء- في شجار.
وفي يوم آخر تشاجرت أيضا مع زوجة أخي؛ بسبب المعاملة غير اللائقة التي تعاملها هذه الأخيرة لوالدتنا، فقامت أختي بمقاطعتها، ولا تفكر في مصالحتها حتى الموت، وطلبت منا أيضا المقاطعة، وخيرتنا بينها وبين زوجة أخي، ولنا شقيقة أخرى تساندها في قرارها، وأختي الصغرى جعلت المشكلة بلا حل، وهي مصرة كل الإصرار على جرنا إلى المقاطعة، والغريب في المشكلة أن والدتنا لم تقاطع الزوجة، ولم تنه شقيقتي عن هذه التصرفات، وشقيقتي الصغرى ترى نفسها محقة، وأن علينا أيضا المقاطعة، فما الطريق الصحيح للتعامل مع المشكلة؟ ودمتم في رعاية الله، وحفظه.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أختك قد اتهمت زوجة أبيك بكونها ساحرة، وليس لها بينة في ذلك، فإنها آثمة، وظالمة، والأصل في المسلم السلامة، فلا يجوز إساءة الظن به، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم {الحجرات:12}.
ولا يلزم أن يكون تعطل أموركم بسبب السحر.
وعلى فرض كونه بسبب السحر، فقد لا تكون زوجة أبيكم مصدره، ولا يجوز أن يتهم أحد بذلك؛ حتى يثبت عنه.
وإن غلب على ظنكم وجود شيء من السحر، فعليكم بالرقية الشرعية، وراجعي الفتوى: 7968، والفتوى: 5252، والفتوى: 4310.
وإن صدر من زوجة أخيكم أذى، أو إساءة لأمكم بغير وجه حق، فينبغي أن تنصح بالحسنى، وتدعى إلى التوبة، واستسماح أمكم في ذلك.
فإن تابت إلى الله وأنابت، فذاك، وإلا فيجوز هجرها؛ حتى تتوب، وترجع لصوابها، وهذا الهجر يرجع فيه للمصلحة، فإن خشي أن يزيدها عنادا، ويزداد به الأمر سوءا، فالأفضل تركه، هذا ما بينه أهل العلم، وقد ضمنا ذلك في الفتوى: 21837.
ومن هنا نعلم أن ما ذهبت إليه أختكم من مقاطعتها لها، وزعمها أنها ستبقى كذلك حتى الموت، مناف للشرع، فلا يجوز لكم مطاوعتها فيه.
وننصح بالسعي في الإصلاح، فهو مما ندب إليه الشرع بنصوص في الكتاب، والسنة، سبق بيان بعضها في الفتوى: 117937.
وينبغي أن يسود بين الأصهار حسن العشرة، وكان هذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولأنها وشيجة، امتن الله عز وجل على الناس بها، فقال: وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا {الفرقان:54}.
ونوصيكم بدعاء الله عز جل أن يصلح الحال، ويؤلف بين القلوب، فالقلوب تحت تصرفه سبحانه.
وينبغي أن تلطفوا بأختكم الصغرى هذه، وأن تسلطوا عليها بعض المقربين إليها؛ ليناصحوها، ويردوها لصوابها.
يسر الله الأمر، ويسر الحال، ونشر بينكم الألفة، والمودة.
والله أعلم.