السؤال
والدتي قاسية مع أحفادها إلى درجة من المستحيل أن يتخيلها أحد، وهم أبناء إخواني، وهم شبه يتامى، وأنا القائم عليهم، وتعاملها معاملة لا يفعلها الكفار، من ضرب، وحرق، واستعمال أدوات حادة.
وفي الفترة الأخيرة أتيت بهم لبلد آخر؛ لكي يستريحوا من عذابها، وجاءتني زيارة، فضربتهم بساطور، وأحدثت فيهم أضرارا جسيمة، ووقفت ضدها، وقلت لها: إن هذا الشيء لا يجوز، ولكنها بدأت تغضب علي، وتدعو، وتقول لي: إني غير راضية عنك؛ لأنك يجب أن تقف معي ضدهم، والله يشهد أن الأطفال لم يبدر منهم أي شيء يستحق هذا العقاب، ولكن أمي بسبب عمرها الكبير، أصبحت تتخيل أشياء، مثل أنهم يتكلمون عنها، أو أن البنات معهن سجائر بالسر، وهذه الأمور، فكيف أرضي ربي قبل أمي، في هؤلاء الأطفال؟ وهل وقوفي معهم ضد أمي يعد عقوقا للوالدين؟
وضربها للأطفال من المستحيل أن تتخيله، ولا يمكن لمسلم أن يفعل مثل هذا الشيء بمسلم، ونجد الدم في كل أنحاء الغرفة في الصباح، وأنا الآن بصدد أخذ الأولاد لنسافر لبلد آخر بعيدا عنها، فإذا لم أدعها تأتي معنا، فهل يعد هذا عقوقا؟ ووضعها المادي فوق الممتاز، وغير محتاجة لأحد، وهي حاليا في بلد آخر عند أحد إخوتي، وراجعت كل الفتاوى في موقعكم، فلم أجد جوابا شافيا منكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت عن أمك، فهذه حالة أشبه بالجنون، وتصرفات لا تصدر عن عاقل، والغالب في الأم الشفقة على أولادها، وأحفادها.
ولو قدر أن صدر عن هؤلاء الأحفاد ما يقتضي تأديبهم، فليس هذا أسلوبا للتأديب.
وولاية التأديب لها ضوابطها الشرعية من جهة من يستحق هذه الولاية، ومن جهة كيفية التأديب، ونرجو مطالعة الفتوى: 202240، والفتوى: 14123.
ويجب صيانة هؤلاء الأولاد، ودفع أذاها عنهم، وقد أحسنت في الاجتهاد للحيلولة بين أمك وبين قيامها بذلك.
وليس في مجرد هذا التصرف معها، إساءة لها، بل هو نوع إحسان لها؛ بمنعها من الظلم، روى البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما، كيف أنصره؟ قال: "تحجزه، أو تمنعه من الظلم؛ فإن ذلك نصره".
وإذا لم يكن من سبيل من دفع أذاها عنهم، إلا بمنعها من السفر معكم، فلا حرج في منعها، ولا يعد ذلك عقوقا، ولكن الأولى مداراتها، بالاتفاق مع أحد إخوتك مثلا، بأن يبقيها معه، بحيث تمنع سفرها معكم، وتتقي غضبها في الوقت ذاته.
وننبه إلى أنه ينبغي توجيه هؤلاء الأولاد بأن يجتنبوا ما قد تسيء جدتهم فهمه، وأن يبتعدوا عن كل ما قد يكون سببا في إغضابها، خاصة وأنها مع كبر سنها، قد يستفزها كل شيء، وإن صغر.
والله أعلم.