السؤال
نذرت نذرا: "لو قبضت مرتبا بمبلغ معين، أن أدفع شهرا منه في سبيل الله"، فهل يجوز إخراجه على دفعات؟ علما أني كنت قد نويت ذلك عند النذر، وهل يجوز إخراج جزء من ذلك المبلغ لإخوتي، ووالدتي المقتدرين؛ كهدايا من باب: الأقربون أولى بالمعروف؟
نذرت نذرا: "لو قبضت مرتبا بمبلغ معين، أن أدفع شهرا منه في سبيل الله"، فهل يجوز إخراجه على دفعات؟ علما أني كنت قد نويت ذلك عند النذر، وهل يجوز إخراج جزء من ذلك المبلغ لإخوتي، ووالدتي المقتدرين؛ كهدايا من باب: الأقربون أولى بالمعروف؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فننبه ابتداء إلى أن جملة: "الأقربون أولى بالمعروف"، ليست حديثا، ولا آية في كتاب الله تعالى، وإن كانت صحيحة من حيث المعنى في الجملة، قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة في تخريج حديث: الأقربون أولى بالمعروف. لا أصل له بهذا اللفظ، كما أشار إليه السخاوي، وبعضهم يتوهم أنه آية، وإنما في القرآن قوله تعالى: قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين {البقرة:215}. اهـ.
وما دمت قد نويت أن تخرج المبلغ المنذور في سبيل الله على دفعات، فلا حرج عليك في ذلك، ولا يلزمك أن تخرجه دفعة واحدة، والنية تخصص اللفظ العام، كاليمين في هذا، قال الخرشي: وينظر في النذر كاليمين إلى النية، ثم العرف، ثم اللفظ. اهــ. فكما أن النية تخصص اليمين، وتقيده، فكذلك النذر.
وأما دفع شيء منها لوالدتك، فقد بينا سابقا أن المال المنذور، لا يدفع للوالدين، كبقية الصدقات الواجبة، وانظر الفتوى: 232972، عمن نذر مالا لإنفاقه في سبيل الله، هل يجوز أن يعطي والده منه؟ والفتوى: 376033 عن حكم صرف النذر للوالدة.
وأما دفعها لإخوانك، فمن كان منهم لا تلزمك نفقته، فلا حرج عليك في دفعها، ومن كنت ملزما شرعا بالنفقة عليه، لم يجز أن تدفع له نذرك، جاء في مغني المحتاج: لو قال: إن شفى الله مريضي، فلله علي أن أتصدق بألف درهم مثلا، فشفي والمريض فقير، فإن كان لا يلزمه نفقته، جاز إعطاؤه ما لزمه، وإلا فلا، كالزكاة، ولو نذر التصدق على ولده، أو غيره الغني، جاز؛ لأن الصدقة على الغني جائزة، وقربة.. اهـ.
ثم إنك أيضا إن نويت بقولك: "في سبيل الله" الصدقة، فإن الصدقة تختلف عن الهدية، فلا يجوز دفع الصدقة الواجبة بالنذر بنية الهدية، فالهدية شيء، والصدقة شيء آخر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، وقال في اللحم الذي تصدق به على بريرة: هو عليها صدقة، ولنا هدية.
قال ابن قدامة في المغني: من أعطى شيئا، ينوي به إلى الله تعالى للمحتاج، فهو صدقة. ومن دفع إلى إنسان شيئا؛ للتقرب إليه، والمحبة له، فهو هدية. اهــ.
والله تعالى أعلم.