السؤال
ما حكم الإكثار من نشر عبارات تعبر عن مدى الحزن لموت الأم على مواقع التواصل الاجتماعي؟ حتى أن هناك صفحات أصبحت متخصصة في عرض صور أناس يبكون، وعليها عبارات رثاء في الأم، أو الأب، وألاحظ على أكثر من شخص على علاقة بي نشرهم لمثل هذه الصور، أو أنهم يكتبون بأنفسهم عبارات تدل على افتقادهم للمتوفى، بعد أشهر، وسنوات طويلة من وفاته.
أشعر أن هذا يجدد حزنهم، كما يجدد حزن كل من فقد عزيزا عند قراءته ورؤيته مثل هذه المنشورات، وأود أن أنصحهم بعدم الإكثار منها، خاصة أن بعضهم لديهم أطفال، وزوج، وبالطبع هذا يؤثر عليهم بالسلب، ومنهم من اعترض زوجها بالفعل على شدة حزنها على والدتها.
أود أن أنصحهم بأن ذلك من تعظيم المصائب، لكني أخشى أن أكون مخطئة، كما أني لا أجد صيغة مناسبة لنصحهم دون إيذاء مشاعرهم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالحزن على موت القريب مباح، وقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم على موت عمه حمزة، وغيره من أهله، وأصحابه، وبكى، وقال عند موت ابنه إبراهيم: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون. متفق عليه.
ولكن الإكثار من ذكر الميت، لا سيما بعد طول المدة، وتكرار ذلك، وتجديده، قد يشعر بعدم الرضا بقضاء الله تعالى، وأيضا يجدد الحزن، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عما هو قريب من هذا، فقد روى أحمد، وابن ماجه، وصححه، والحاكم من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المراثي. وهو عند ابن أبي شيبة بلفظ: نهانا أن نتراثى. قال القسطلاني في شرح البخاري في بيان المراثي المنهي عنها في الحديث:
وقد أطلقها الجوهري على عد محاسنه مع البكاء، وعلى نظم الشعر فيه، فيكره كل منهما؛ لعموم النهي عن ذلك، والأوجه حمل النهي عن ذلك على ما يظهر فيه تبرم، أو على فعله مع الاجتماع له أو على الإكثار منه، أو على ما يجدد الحزن. اهــ.
فالإكثار ربما دخل في المراثي المنهي عنها -نسأل الله أن يغفر لموتانا، وموتى جميع المسلمين، وأن يجمعنا بهم في جنات النعيم-.
والله أعلم.