السؤال
لو وجد خلاف بين شخصين، وقرر أحدهما أن يبتعد؛ لأنه يرى أن البعد أنسب حل، والثاني رافض لمسألة البعد؛ لأنه سيتأذى منه، وظل يعتذر عما فعل، ولكن الأول تعامل بقسوة قلب، ورفض اعتذاره، وكسر خاطره بكلامه، فهل يعد رفضه هذا كسر خاطر، وظلما؟ وهل من حقه أن يبتعد؛ حتى لو أدى بعده هذا إلى الأذى، والتعب لمن حوله؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع عن التدابر، والهجران، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه مسلم.
ولا يشترطون لزوال التهاجر -عند الجمهور- الرجوع إلى الحال الأول، وإنما يزول التهاجر بمجرد السلام، قال ابن حجر: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام، ورده، وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة، إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا، وقال أيضا: ترك الكلام، إن كان يؤذيه، لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم. انتهى من فتح الباري.
لكن إذا كانت مخالطة هذا الشخص لصاحبه تضر بدينه، أو دنياه؛ فلا حرج عليه في هجره، ولو تأذى بهجره، قال ابن عبد البر -رحمه الله- في التمهيد: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث؛ إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه، أو يولد به على نفسه مضرة في دينه، أو دنياه، فإن كان ذلك، فقد رخص له في مجانبته، وبعده، ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
والله أعلم.