السؤال
أحببت أن أسأل عن مدى صحة أثر إبراهيم النخعي - رحمه الله تعالى - ( كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن ومن غير القرآن). علما بأني قرأت لبعضهم أن في سند هذا الأثر مدلسين!
قرأت أيضا قولا آخر لإبراهيم وهو (إنما يكره ذلك - تعليق القرآن - للجنب والحائض).
بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الأثر الأول فرواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأبو عبيد في فضائل القرآن، قالا: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، قال: كانوا يكرهون التمائم كلها، من القرآن وغير القرآن.
وهشيم وإن كان كثير التدليس والإرسال الخفي، إلا إنه ثقة ثبت من رجال الشيخين، وقد صرح هنا بالسماع. وبقي تدليس مغيرة – وهو ابن مقسم الضبي – قال ابن حجر في التقريب: ثقة متقن إلا أنه كان يدلس، ولا سيما عن إبراهيم. اهـ.
وهذا إنما يضر إذا عنعن عنه في حديث مرفوع أو موقوف، وأما هنا فهو يروي عن إبراهيم من قول نفسه مقطوعا، فالأمر أقرب، ثم إن ما جاء بعده يدل على السماع، حيث قال: قلت لإبراهيم: أعلق في عضدي هذه الآية: {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} من حمى كانت بي؟ فكره ذلك. اهـ.
ولذلك صححه الشيخ الألباني في تحقيق الكلم الطيب (ص 43) حيث قال: وقد روى أبو عبيد في فضائل القرآن بسند صحيح عن إبراهيم -وهو النخعي التابعي الجليل- قال: كانوا يكرهون -يعني الصحابة- التمائم من القرآن وغيره. وقال المغيرة -وهو ابن مقسم الضبي الفقيه الثقة-: وسألت إبراهيم، فقالت: أعلق في عضدي هذه الآية: {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} من حمى كانت بي؟ فكره ذلك. اهـ.
وأما الأثر الثاني فرواه أبو عبيد في الفضائل أيضا، فقال: حدثنا عفيف بن سالم، عن شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، قال: إنما كره ذلك من أجل الجنب والحائض. اهـ.
وعفيف بن سالم الموصلي، قال ابن معين: ثقة. وكذلك قال أبو داود وأبو حاتم، وزاد: لا بأس به.
وشيخ شعبة حماد هو ابن أبي سليمان: الفقيه المعروف، أخرج له مسلم في صحيحه، وقال عنه الذهبي في الكاشف: ثقة إمام مجتهد. اهـ.
ورواية شعبة عنه قديمة، وهي أصح من غيرها، قال الإمام أحمد: أما حماد فرواية القدماء عنه مقاربة: شعبة والثوري وهشام الدستوائي، وأما غيرهم فقد جاءوا عنه بأعاجيب. اهـ.
والله أعلم.