السؤال
كيف أتقرب من الله، وأثبت على الطاعة؟ فأنا فتاة عمري 28 عاما، موفقة في حياتي، معلمة، وبارة بأمي، وأحفظ 8 أجزاء من القرآن، وأهتم بالأذكار، والتحصين، وقصص الأنبياء، لكني لا أصلي، فأصلي فترة ثم أقطع، وأسمع الأغاني، وأشاهد مقاطع محرمة، وقد تعبت من هذه الحياة، وأنا أعلم أن ما أفعله حرام، وأريد أن أكون قريبة من الله، ولا أريد لنفسي خاتمة سيئة، وصحيفة مليئة بالسيئات، فكيف أبدأ؟ وما الواجب علي؟ وهل سيقبل الله توبتي بعد كل هذه الذنوب؟ أسأل الله أن يكون جوابكم، ونصحكم سببا في هدايتي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فاعلمي -أيتها السائلة- أن رحمة الله تعالى أوسع من ذنوب العبد، ومن تاب إلى الله تعالى توبة صحيحة، مستجمعة لشروطها، لم يردها الله عليه، بل يقبلها بفضله، ويعفو عن سيئاته، ويرحمه، كما قال تعالى: ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم {التوبة:104}، وقال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون {الشورى:25}، وفي الحديث القدسي الذي رواه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان فيك، ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك، ولا أبالي، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا، لأتيتك بقرابها مغفرة.
وإذا علمت هذا؛ فإن الواجب عليك أن تتوبي إلى الله تعالى من ترك الصلاة، وسائر المحرمات التي تفعلينها، والتوبة تكون بترك الذنب فورا لله تعالى، وبالعزم على عدم العودة إليه، وبالندم على ما سلف منه.
فإذا تحققت هذه الشروط: فأبشري بعفو الله، ومغفرته.
وإذا لم تتوبي؛ فلا تلومي غير نفسك؛ لأن الله تعالى فتح لك باب التوبة، ورغبك فيها، ومكنك منها، فمن أصر على الذنب، وأدبر عن التوبة بعدها، فهو الظالم لنفسه.
وإن أعظم ما يعينك على تحقيق التوبة ثلاثة أمور:
أولها: الاجتهاد في دعاء الله تعالى بأن يوفقك لها، واستغلي أوقات الإجابة، كالثلث الأخير من الليل، وفي السجود، وغيرها من مواطن إجابة الدعاء.
وثانيها: استشعار خطورة الذنوب، وعاقبتها، لو توفاك الله قبل التوبة منها.
وثالثها: البعد عن رفقة السوء، والحرص على الرفقة الصالحة من المؤمنات، فإنهن خير عون لك على الطاعة، والبعد عن المعصية، وانظري الفتوى: 388993 حول نصيحة لمحب سماع الأغاني، وكذلك الفتاوى: 1208، 10800، 12928، ففيها توجيهات تعين على أسباب الهداية، وتبعد من أسباب الغواية.
والله تعالى أعلم.