السؤال
أنا مدعو لحضور حفل زفاف أعزاء على قلبي، لكن توجد فيه موسيقى، وأريد وضع سماعه، وأشغل بها (قرآن أو أناشيد إسلاميه)، لتجنب سماع الموسيقى، هل يجوز لي الحضور؟
أنا مدعو لحضور حفل زفاف أعزاء على قلبي، لكن توجد فيه موسيقى، وأريد وضع سماعه، وأشغل بها (قرآن أو أناشيد إسلاميه)، لتجنب سماع الموسيقى، هل يجوز لي الحضور؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فقد ذكرنا في فتاوى كثيرة المنع من إجابة الدعوة لمن علم أن فيها منكرا لا يقدر على تغييره، وأن من حضر ثم علم بالمنكر، وجب عليه الإنكار، ثم مفارقة المكان إن لم يزل المنكر، فلا تجيبي تلك الدعوة ما دمت تعلمين أن فيها موسيقى، ولا يغني وضع شيء في أذنيك يحول دون سماعه، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بوضع أصبعيه في أذنيه حين سمع زمارة الراعي، بل عدل راحلته عن الطريق وابتعد عن المكان.
ففي صحيح ابن حبان ومسند الإمام أحمد ــ واللفظ له ــ عن نافع مولى ابن عمر أن ابن عمر: سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق. ، وهو يقول: يا نافع أتسمع؟، فأقول: نعم، فيمضي حتى، قلت: لا فوضع يديه، وأعاد راحلته إلى الطريق، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع صوت زمارة راع فصنع مثل هذا. والحديث حسنه الشيخ شعيب الأرنؤوط.
ولو حضرت، وأنكرت المنكر، ولم يستجب لك، ووضعت سماعة في أذنيك، وحالت دون سماعك الموسيقى، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى عدم وجوب مفارقة المكان ما دمت تنكرين المنكر بقلبك، والأول هو المفتى به عندنا، وهو قول جمهور الفقهاء.
جاء في الموسوعة الفقهية: الفقهاء متفقون على أن من دعي إلى وليمة وعلم قبل الحضور بوجود الخمور أو الملاهي وما أشبه ذلك من المعاصي فيها، وهو لا يقدر على إنكار المنكر وإزالته فإنه يسقط وجوب الإجابة في حقه، ثم اختلفوا في جواز حضوره في هذه الحالة. فذهب الشافعية في أظهر الوجهين ـ وهو الصحيح ـ والحنابلة إلى أنه يحرم عليه الحضور ... وقال الشافعية في وجه جرى عليه العراقيون: الأولى أن لا يحضر، ويجوز أن يحضر ولا يستمع وينكر بقلبه، كما لو كان يضرب المنكر في جواره فلا يلزمه التحول وإن بلغه الصوت، واستدلوا على جواز الحضور بأنه ربما أحشمهم حضوره فكفوا وأقصروا، وقد حكي أن الحسن البصري ومحمد بن كعب القرظي دعيا إلى وليمة فسمعا منكرا فقام محمد لينصرف فجذبه الحسن وقال: اجلس ولا يمنعك معصيتهم من طاعتك... ونص المالكية على أن وجود المنكر يمنع الإجابة مطلقا. اهــ مختصرا.
والله أعلم.