هل يتسبب قطع الوالد لأرحامه في تأخر زواج بناته؟

0 14

السؤال

نحن ثلاث بنات، وأعمارنا فوق الثلاثين، ولم نتزوج، وكله نصيب ورزق من الله، وأقرأ أحيانا أن من قطع رحمه انقطع رزقه، والوالد قاطع لجميع أرحامه، فأعمامي أخذوا حقه من ميراث جدي، ولم يأخذ إلا القليل، فالوالد لا يحسن الكلام مع أحد من قهره، وإحساسه بالظلم، وعندما رفع دعوى في المحكمة على إخوته، وقفت عماتي وعمان معه، لكنهم استرضوهم، وانسحبوا من الدعوى، وبقي والدي وحده، ورشوا محامي الوالد، والقاضي -أعطوا الغريب، ولم يرغبوا في إعطاء الوالد حقه- وخرج الوالد بأقل من حقه بكثير، وهذه القصة حدثت منذ ثلاثين عاما، وعماتي رفعوا دعوى على الوالد لمحاسبته على محل كان جدي كتبه للوالد، مثله مثل أعمامي، لكن أعمامي أرادوا بيوتا، والوالد أراد المحل، وأخذ كل منهم ما طلب من جدي، وهو منزعج كثيرا من عماتي، وهن أصغر منه بخمسة عشر عاما تقريبا، وتكلمن معه كلاما قاسيا، وأنا أحاول أن أكلم عماتي، لكني لا أجد فيهن محبة، وأحيانا يتكلمن كلاما غير جيد عن الوالد، فأنزعج، وإذا اجتمعنا في أفراح أحد أولاد عماتي -الوالد لا يمنعنا من الذهاب-نشعر أننا غير مرغوب فينا، فماذا علي أن أفعل في حياة الوالد، وبعد وفاته أيضا؟ وهل صحيح أن علينا إثما، ومنع رزق الزواج، وأن منع رزق الزواج ابتلاء للوالد؟
وكلما كلمنا الوالد عن صلة الرحم ينزعج، ويقول: إنه قطعها منعا للمشاكل، ولنا عمة غير متزوجة، في دار المسنين، ونقول له: اذهب لزيارتها، فهي تحبك كثيرا، ودائما تسأل عنك، لكنه يرفض.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فتأخر زواجكن ليس بالضرورة أن يكون عقوبة من الله، لكن الواجب على الوالد وعليكن صلة أرحامكم، ولا يجوز لكم قطعها.

وظلم بعض الأرحام للوالد، وإساءتهم إليه؛ لا يسوغ له قطعهم، إلا إذا كان في صلته لهم ضرر عليه، فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري. وفي مسند أحمد عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن لي ذوي أرحام، أصل ويقطعون، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيؤون، أفأكافئهم؟ قال: "لا، إذن تتركون جميعا، ولكن خذ بالفضل، وصلهم؛ فإنه لن يزال معك من الله ظهير ما كنت على ذلك".

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك. تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.

فالواجب عليكن صلة أرحامكن بالمعروف، ونصح الوالد بصلة أرحامه.

وينبغي أن تجتهدوا في الصلح بينهم، وأبشروا ببركة صلة الرحم، وإصلاح ذات البين، ففي الصحيحين عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه. وراجعي الفتوى: 397177.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة