السؤال
مؤخرا قرأت في موقعكم فتوى تفيد بأن من تجاهل إماطة ورقة فيها آية قرآنية، أو ذكر، أو حديث، فهو بذلك قد كفر. ومنذ أن علمت بذلك أخذت جولة في المنزل، واعتنيت بكل ورقة فيها ذكر، وكذلك في المدرسة أشطب كل ذكر مكتوب على طاولة، أو كرسي، نحو: "لا إله إلا الله"، وحتى الأسماء نحو: "عبد الرحمن"؛ منعا لامتهانها. وقد يكون هناك أيضا مجموعة ذكر كتبت من قبل أحد التلاميذ بخط ليس بجميل على مختلف الجدران، والجدران ليست نظيفة، أو خالية تماما من كتابات أخرى، أو غبار قليل، لكنني لم أقم بشطبها بعد، وكذلك هناك ملصقات في الشوارع، ملصقة إلى أعمدة وجدران، وقد أرى بعضها ملتويا، وآخر قريبا من حاوية قمامة خلال عودتي بالحافلة من المدرسة، علما أن الحافلة قد توقفت عند محطة قريبة من مكان الملصق الملتوي غير المثبت جيدا الذي بجوار الحاوية، لكنني لم أزلها رغم أنه كان بإمكاني أن أطلب من السائق الانتظار، وفي مكان آخر وجدت أن ملصقا مختلفا مثبتا بعناية هذه المرة قريبا من حاوية أخرى، لكن يصعب علي إزاحتها لأنني فتاة، حتى لو ترجلت من الحافلة، وقد أصابني هذا بالقلق، فهلا فصلتم وفسرتم تلك الفتوى السابقة بشكل أوضح (ما المقصود بمكان قذر، ومتى يعذر الإنسان)، وهل ما فعلته كفر؟ وهل كتابتها على الحائط فيه امتهان؟ ومن أين يمكنني قراءة نواقض الإسلام التي تصل للأربعمائة (وليس فقط العشرة الموجودة على الشبكة)؟ جزاكم الله خيرا، وجعلها في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، وأن يعيذك من شر نفسك.
فما ذكرته ليس بصحيح، وليس الحكم بالكفر شيئا هينا ليطلق بهذه الطريقة! لا سيما في هذه المسألة التي عمت بها البلوى؛ حيث فشت الكتابة، وكثرت في الأوراق المطبوعة، واللوحات المعلقة، والملصقات المتكاثرة على الجدران، والأعمدة، وفي الأسواق، والمدارس، والجامعات، والبيوت.
ولا ريب أن الأمر لم يكن كذلك قديما، حيث أطلق بعض الفقهاء عبارات يمكن أن تحتمل في زمانهم، بخلاف الواقع الآن؛ ولذلك سبق أن نبهنا في عدة فتاوى على ما ذكره بعض أهل العلم من أنه لا حل لهذه المشكلة، إلا بغض البصر، ونشر الوعي الإسلامي في المجتمع؛ حتى يتعاون الجميع على احترام أسماء الجلالة، وانظري الفتويين: 122036، 122041.
ولا ريب في أن السائلة قد كلفت نفسها بما لا يلزمها في هذا الباب، والغالب أن من يقع في ذلك ينقطع ويعيى، ويصيبه العنت والمشقة، وهذا مخالف لمقاصد الشرع، وخارج عن الوسع، الذي لا يكلف الله إلا به، وراجعي للأهمية الفتوى: 112698.
وأما التفصيلات المسؤول عنها في آخر السؤال، فلا داعي لها بالنسبة للسائلة، فإن تناول هذه التفاصيل مما يزيد الموسوس أرقا، وتعبا، وحرجا!
والذي نوصيك به أن تعرضي بالكلية عن التفكير والتقرير في هذه المسائل، فلا عليك إلا مراعاة أحوالك الخاصة، ومتعلقاتك الخاصة، وأوراقك الخاصة، مما فيه كتابة أسماء الله تعالى، وآيات القرآن، ونحو ذلك مما يعظم.
وأما ما تمرين عليه في الطريق، والمدرسة، ونحو ذلك، فغضي بصرك عنه، ولا تفتشي فيه، ولا تلتفتي إليه، فلا يصلح للموسوس إلا ذلك.
والله أعلم.