السؤال
هل نصيحة أحد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وسيدنا جبريل -عليه السلام- في المنام يؤخذ بها؟ جزاكم الله خيرا.
هل نصيحة أحد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وسيدنا جبريل -عليه السلام- في المنام يؤخذ بها؟ جزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فرؤيا أحد الأنبياء -عليهم السلام- في المنام، أو رؤيا جبريل -عليه السلام-، رؤيا خير -إن شاء الله- إن كانت صادقة.
ويعرف صدقها بأن يرى النبي صلى الله عليه وسلم على صورته؛ فإن الشيطان لا يتمثل به، ويعرف بأن يأمره بمقتضى الشرع.
فإذا رأى الشخص نبيا كنبينا صلى الله عليه وسلم، فأمره بما هو مطابق للشرع، فهذا خير. وينبغي له العمل بتلك النصيحة الموافقة للشرع المطهر؛ امتثالا للشرع، لا لمجرد الرؤيا.
وأما إن أمره بما يخالف الشرع، فالشرع مقدم على كل رؤيا، والرؤى لا تثبت بها أحكام شرعية، وإنما يستأنس بها فحسب، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر، ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه، فقال: "اللهم هل بلغت؟ -ثلاث مرات- إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا يراها العبد الصالح، أو ترى له. رواه مسلم.
وهذه الرؤى التي هي من المبشرات، يستأنس بها -كما ذكرت- ولا تكون موجبة لثبوت حكم شرعي، قال ابن حجر: رؤيا غير الأنبياء، لا ينبني عليها ثبوت حكم شرعي. انتهى.
قال الشيخ ابن باز: المرائي مهما كثرت، لا يجوز الاعتماد عليها في خلاف ما ثبت به الشرع المطهر؛ لأن الله سبحانه أكمل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولأمته الدين، وأتم عليهم النعمة قبل وفاته عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز لأحد أن يعتمد شيئا من الأحلام في مخالفة شرعه -عليه الصلاة والسلام-. انتهى.
وثم وقائع تدل على أن العلماء لم يعبؤوا بالرؤى، وإن كانت رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم، إذا كانت بخلاف الشرع، ومن ذلك ما روي أن رجلا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال له: "اذهب إلى موضع كذا، فاحفره، فإن فيه ركازا ، فخذه لك، ولا خمس عليك فيه"، فلما أصبح ذهب إلى ذلك الموضع، فحفره، فوجد الركاز فيه، فاستفتى علماء عصره، فأفتوه: بأن لا خمس عليه؛ لصحة الرؤيا، وأفتى العز بن عبد السلام بأن عليه الخمس، وقال: أكثر ما ينزل منامه منزلة حديث صحيح، وقد عارضه ما هو أصح منه، وهو حديث "في الركاز الخمس". ذكره الزرقاني في شرح الموطأ.
يقول الدكتور عمر الأشقر -رحمه الله-: الرؤيا لا تعد تشريعا، وبعض الأفراد والجماعات تجعل من الرؤى، والتجليات، والأفكار، وأحاديث القلوب مصدرا تشريعيا ينافس القرآن والسنة، وقد يقدم عليهما.
الرؤيا الصادقة ما هي إلا مبشر بأمر سار، وقد تكون دعوة إلى الاستقامة، وقد تكون تثبيتا على الحق، وقد تنفر من الباطل، ولكنها لا تشرع شيئا جديدا. انتهى.
والحاصل؛ أن هذه النصيحة إن كانت موافقة للشرع، فيستأنس بها، ويكون الأصل هو العمل بالشرع، وإن كانت مخالفة للشرع، فلا عبرة بها.
والله أعلم.