السؤال
أعلم أنه تمت إثارة فوائد البنوك، ولكن سؤالي مختلف، وأنا في ريبة. كيف تكون الفوائد على العملة الورقية ربا صريحا؟ أليست قيمة تلك العملة متغيرة في كل لحظة، وغير مرتبطة بالذهب والفضة!؟ فإن أخذت منك جرام ذهب، وطلبت جرامين كان ربا صريحا، ولو بعد عشر سنوات؛ لأن ما يوازيه جرام الذهب سأشتري به نفس السلع لو بقي الجرام عشر سنوات، وهو ما لا ينطبق على الورق، حتى لو قلت قيمته فلن تقل كالورق. فمن وضع ماله قبل التعويم حتى مع الفوائد، قد خسر، والخسارة الأكبر لمن ظل ماله كما هو. ولو وضعت مالي عشر سنوات بفائدة، فإني سآخذ العشر بعدها، على أن أتحمل مكسبي أو خسارتي في قيمة العملة ضمنيا، والمكسب والخسارة غير مضمونين، وقيمة الفائدة مع رأس المال متغيرة، فقد أكسب، وقد يظل رأس المال ثابتا، أو ينقص بقيمة العملة الورقية، وهو ما لا يحدث مع الذهب والفضة، وإن كانا أيضا يتعرضان للصعود والهبوط أمام العملات، ولكنهما مال في حد ذاته، فإن كان الاتجاه الاقتصادي في دولة ما يتجه نحو فائدة متزايدة، فهذا لقيمة العملة المتناقصة، والعكس بالعكس، سواء في الفوائد أم في القروض. ولا معنى أبدا لأن أعطيك ألف جنيه، ثم بعد سنة أو اثنتين آخذ ألفا، فقد خسرت بهذا، وضمنيا الألف لم تعد ألفا، وإلا كانت أسعار السلع والخدمات منذ نشأتها ثابتة؛ ولهذا لا أرى أني يجب أن أستثمر أموالى بنفسي، إن كنت لا أجيد هذا، ومع هذا أجد أنه من الحرام أن تظل الأموال تتناقص بجمودها.
أعلم أن مجمع الفقه الإسلامي، وكثيرا من العلماء اتفقوا على الحرمة، لكني أعتقد أن قاعدة التأسيس لهذه الفتوى، أو لمبررات الحرمة، بها كثير من الجوانب المبهمة لعالمنا اليوم، وأن العملات تتغير كل لحظة، فإذا تتبعناها وربطناها بالدولار، أو حتى بالذهب، لوجدنا أن كل ساعة غير الأخرى، وأن الرسومات البيانية تتغير كل يوم، فكيف هو الربا المحرم، وهو معناه في أصله الزيادة فوق رأس المال الثابت بزيادة ثابتة معلومة، وكل هذا ضمنيا متغير، والعبرة بالمعاني لا بالألفاظ؟ وأرى أن الفتوى قامت على معنى أن الألف بألف ربا، وهو صحيح لفظا لكن معناه مختلف، فأرجو التوضيح، فمن الجائز أن يكون قد فاتتني أشياء لست على دراية بها.