0 19

السؤال

كنت بارا بجدتي العجوز كثيرا، وكنت ألح على الله في كل صلاة وقيام منذ ثلاث سنوات أن يرزقني، ويسهل لي الزواج والعمل. فمرضت جدتي منذ فترة، فوددت أن تحضر زواجي من شدة حبها لي. فمرة قلت: والله لن تموت جدتي حتى تحضر زواجي. قلت ذلك ثقة بالله، وحسن ظن به سبحانه، على أساس إلحاحي عليه في دعائي، وتركي للمعاصي، وبري بجدتي المسكينة. فما حكم يميني وقسمي على الله؟ هل أكفر عنه؟ أم ماذا؟
وأرشدوني بارك الله فيكم، فأنا الآن منكسر، وأصبحت يائسا من الدعاء، وثقتي بالله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنرجو أن لا حرج عليك في إقسامك على الله بما ذكرت، وقد سبق أن بينا جواز الإقسام على الله في الخير؛ كما في الفتوى: 102047، والفتوى: 35270.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: هل يجوز للإنسان أن يقسم على الله؟ فأجاب بقوله:

الإقسام على الله أن يقول الإنسان: والله، لا يكون كذا وكذا، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا، والإقسام على الله نوعان:
أحدهما: أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله -عز وجل- وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء، فهذا جائز، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ، ودليل آخر واقعي، وهو حديث أنس بن النضر حينما كسرت أخته الربيع سنا لجارية من الأنصار، فطالب أهلها بالقصاص فطلبوا إليهم العفو فأبوا، فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقصاص، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أنس، كتاب الله القصاص" فرضي القوم فعفوا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ، وهو -رضي الله عنه-لم يقسم اعتراضا على الحكم، وإباء لتنفيذه فجعل الله الرحمة في قلوب أولياء المرأة التي كسرت سنها، فعفوا عفوا مطلقا، عند ذلك قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره فهذا النوع من الإقسام لا بأس به.

النوع الثاني: من الإقسام على الله: ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس، وأنه يستحق على الله كذا وكذا، فهذا والعياذ بالله محرم، وقد يكون محبطا للعمل، ودليل ذلك أن رجلا كان عابدا، وكان يمر بشخص عاص لله، وكلما مر به نهاه فلم ينته، فقال ذات يوم: والله لا يغفر الله لفلان -نسأل الله العافية- فهذا تحجر رحمة الله؛ لأنه مغرور بنفسه، فقال الله -عز وجل-: من ذا الذي يتألى علي، ألا أغفر لفلان قد غفرت له، وأحبطت عملك" قال أبو هريرة: "تكلم بكلمة، أوبقت دنياه وآخرته. اهـــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة