السؤال
قلتم في الفتوى: 118817: "وعلى هذا؛ فإذا رأيت دم الحيض، فأمسكي عن الصلاة، والصوم ، وإذا رأيت الجفوف، ولو ساعة، فاغتسلي وصلي، فإذا عاودك الدم، رجعت حائضا، وإذا كان الذي عاودك صفرة أو كدرة، فإن لها حكم الحيض في زمن العادة، والتي ذكرت أنها عندك سبعة أيام".
علامة الطهر لدي هي القصة البيضاء، فإذا توقفت الإفرازات لمدة ساعة، فهل أغتسل وأصلي وأنا أعلم – بنسبة 95% - أنني لم أطهر بعد، وعادة ينزل كدرة وصفرة بعد توقف الإفرازات بفترة بسيطة في زمن العادة، فكيف تأمروني بالاغتسال والصلاة، وأنا متأكدة أنني لم أطهر بعد؟ أرجو التوضيح، فالأمر أشكل علي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، وهي ما إذا رأت المرأة الطهر في مدة العادة: هل يلزمها الاغتسال مباشرة، أو يسعها الانتظار حتى تتحقق انقطاع الدم: فاختار الموفق ابن قدامة -رحمه الله- أن لها أن تنتظر اليوم، أو نصف اليوم، ريثما تتحقق انقطاع الدم؛ لأن من عادة الدم أنه ينقطع ويجري، ومعتمد مذهب الحنابلة هو: وجوب الاغتسال متى رأت الطهر؛ لقول ابن عباس: ولا يحل لها إذا رأت الطهر ساعة، إلا أن تغتسل.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: فإن المرأة متى رأت الطهر، فهي طاهر، تغتسل، وتلزمها الصلاة والصيام، سواء رأته في العادة، أو بعد انقضائها، ولم يفرق أصحابنا بين قليل الطهر وكثيره؛ لقول ابن عباس: أما ما رأت الطهر ساعة، فلتغتسل. ويتوجه أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم، فليس بطهر؛ بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس، أنها لا تلتفت إلى ما دون اليوم. وهو الصحيح -إن شاء الله-؛ لأن الدم يجري مرة، وينقطع أخرى، وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة بعد ساعة، حرج، ينتفي بقوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج:78]. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فإن من رأت الطهر بالجفوف في أثناء عادتها، لها أن تعمل بما اختاره الموفق ابن قدامة من الانتظار ريثما تتحقق حصول الطهر.
وأما إن كان في آخر عادتها، أو رأت الطهر بالقصة البيضاء، فإنها تبادر بالغسل، قال ابن قدامة: فعلى هذا؛ لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهرا، إلا أن ترى ما يدل عليه، مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها، أو ترى القصة البيضاء، وهو شيء يتبع الحيض أبيض، يسمى الترية. روي ذلك عن إمامنا. انتهى.
ونحن إنما نفتي بالرواية المعتمدة في مذهب الحنابلة؛ لتأيدها بما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، ولكونها أحوط للدين، وأبرأ للذمة، وإن كان القول الثاني قويا في النظر، ولا حرج على من أخذت به، كما ذكرنا.
والله أعلم.