درجة ما ورد في سبب نزول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا.."

0 26

السؤال

أسأل عن حديث للرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه أنه أرسل رجلين ليأتياه بخبر قوم، فقال الأول: ما وجدت خيرا، وقال الثاني عكس ذلك، فما نص الحديث؟ وما مدى صحته؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا نعلم أي حديث تعني -أخي السائل-.

ومن الأحاديث الواردة في السنة قريبا مما تسأل عنه ــ ولعله هو ما تعنيه ــ الحديث الوارد في سبب نزول قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين [الحجرات:6]، فقد روى الإمام أحمد في المسند، عن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني إلى الإسلام، فدخلت فيه، وأقررت به، فدعاني إلى الزكاة، فأقررت بها، وقلت: يا رسول الله، أرجع إلى قومي، فأدعوهم إلى الإسلام، وأداء الزكاة، فمن استجاب لي، جمعت زكاته، فيرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا لإبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له، وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه، احتبس عليه الرسول، فلم يأته، فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله عز وجل ورسوله، فدعا بسروات قومه، فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وقت لي وقتا يرسل لي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة كانت، فانطلقوا، فنأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق، فرق، فرجع، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله، إن الحارث منعني الزكاة، وأراد قتلي، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إلى الحارث، فأقبل الحارث بأصحابه إذ استقبل البعث، وفصل من المدينة، لقيهم الحارث، فقالوا: هذا الحارث، فلما غشيهم، قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك، قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم كان بعث إليك الوليد بن عقبة، فزعم أنك منعته الزكاة، وأردت قتله، قال: لا، والذي بعث محمدا بالحق، ما رأيته بتة، ولا أتاني. فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "منعت الزكاة، وأردت قتل رسولي؟" قال: لا، والذي بعثك بالحق، ما رأيته، ولا أتاني، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، خشيت أن تكون كانت سخطة من الله عز وجل، ورسوله. قال: فنزلت الحجرات: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} [الحجرات:6] إلى هذا المكان: {فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم} [الحجرات:8]. اهـ.

وقد قال الألباني في السلسلة الصحيحة عن إسناد أحمد: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات مترجمون في "التهذيب"؛ ولذلك قال الحافظ ابن كثير في "التفسير": "إنه من أحسن طرق الحديث". وقال السيوطي في "الدر المنثور" (6/87): "سنده جيد". اهــ.

وفي رواية للطبراني: بعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط يصدق أموالنا، فسار حتى إذا كان قريبا منا، وذلك بعد وقعة المريسيع، رجع، فركبنا في أثره، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أتيت قوما في جاهليتهم، أخذوا اللباس، ومنعوا الصدقة، فلم يغير ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى نزلت: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق} [الحجرات: 6] الآية، وأتى المصطلقون النبي صلى الله عليه وسلم أثر الوليد بطائفة من صدقاتهم يسوقونها، ونفقات يحملونها، فذكروا ذلك له، وأنهم خرجوا يطلبون الوليد بصدقاتهم، فلم يجدوه، فدفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان معهم، وقالوا: يا رسول الله، بلغنا مخرج رسولك، فسررنا بذلك، وقلنا: نتلقاه، فبلغنا رجعته، فخفنا أن يكون ذلك من سخطه علينا، وعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتروا منه ما بقي، فقبل منهم الفرائض، وقال: ارجعوا بنفقاتكم، لا نبيع شيئا من الصدقات حتى نقبضه، فرجعوا إلى أهليهم، وبعث إليهم من يقبض بقية صدقاتهم. اهــ.

قال الألباني: قلت: وهذا إسناد حسن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات